عبدالله العويد

ثمرة الغر والطيار.. بواكير الرطب الاحسائى

طلت علينا بواكير النخل في ديارنا هجر المحروسة، ممثلة في الرطب.. بعد عام من الغياب.اجل.. اننا متلهفون لمذاق تلك البواكير الشهية، المشهورة منها: كالغر، والمجناز، وقبلهما "الطيار".. وغير المشهورة كالكاسبي، والعدابي، والشكيمي، والحليلي.و"الغر" هو شيخ هذه البواكر وله يتعصب معظم الاحسائيين. واصله بضم الغين الموحدة، ونظرا لسهولة الفتح على اللسان آثروا فتح الغين، قلت وغرة الشيء اوله ومنه غرة الفرس وهو البياض المشرق كالشمس على لطاة الفرس قال احد الشعراء القدامى يصف فرسا ادهم اللون، وقد احسن في تشبيه غرته بالثريا وكأنها نور الصبح حينما يشرق ويتنفس بين استار الليل البهيم اثناء وداعه..وادهم يستمد الليل منهوتطلع بين عينيه الثرياومن ذلك قولنا: غرة المحرم، لكونها الشهر السنوي الاول.. الخوبسرته صفراء.. ما أحلاه حينما يخرف في زنبيل من الخوص.. وقد حف بالدخن "ارقى انواع الحشائش الباسقة" او بأوراق اللوز العريضة من يره بهذه الصورة الطبيعية الخالبة فانه يرى لؤلؤا منثورا.وتسمى نخلته "الغرة" و"الغراء" وهي نخيلة طيبة اصيلة ترتفع طويلا وتعمر، وجذعها قوي، وعذوقها كثيفة وثقيلة وقل ان تشيص اذ انها ليست بالشرهة اثناء التأبير "التلقيح" فخمسة شماريخ مذكرة من عذق ذكر النخل "الفحال" تكفيها وهذا عكس الخلاص والشيشي التي تلحق البواكير، فترطب في منتصف الموسم الصيفي.وقد تبارى الشعراء في التغزل بـ "الغراء" وهي تعد من المواحيد "الموحد" وتمرها لا ينفع الا لمن يشتهيه اذ تعلف به الحيوانات "اكرمكم الله" شأنها شأن معظم تمور الاحساء غير الخلاص "اطيب انواع نخيل الاحساء" والشيشي "ابو طوق" او "ابو عمامة"، والرزيز. وجماله في رطبه. هاهو الشاعر الكبير عبدالرحمن بن عبدالله العمير يقول:ان البواكير في الاحسا طليعتهاوخيرها رطبا لاشك غراء!وللشاعر الكبير ابراهيم العبدالقادر معلقة رائعة في "الغراء" .. منهاعجبت لمشتاق تغزل في الغراوفاقت ثناء من بدائعه الغراوقد عارضها الشاعر الاحسائي الكبير الفقيه اللغوي الرحال في طلب العلم حيث مكث في مكة المكرمة نصف قرن قبل وفاته العام الماضي اذ نظم على البحر الطويل العميق قائلا: لقد هيجت قلبي قصيدتك التياثارت لاشجاني لما قلت في الغراوللشيخ ناصر الداوود "رئيس محاكم المبرز سابقا" مداخلة نقتطف منها:خليلي.. ان النخل شخص خريدةلانواعها شبه بأغصانها الاخرىفـ "طياره" ساق، "رزيزاؤه" صدرو"شهلاؤه" ظهر، و"غراؤه" الثغرالم يكتف العلامة الشيخ عبدالرحمن الملا بما قال سابقا في معارضته الشيخ العبدالقادر بل تفاعل مع المداخلة الداوودية حيث غرد شاديا:اتتني فتاة منك تلتمس العذرااخي يافتى العلياء ياحئزا فخرالئن كان هذا الشيخ زل لسانهفأخطا بما قد قال في ذمه الغراوللشيخ احمد الماجد زائيه لطيفة نظمها على البحر البسيط:ان النخيل لفي الاحساء مفخرةوكل انتاجها في الذوق ممتازوفي البواكير منها خير فاكهةوافضل الكل "غراء" ومجنازومعظم هذه الاشعار مداخلات رائعة خالدة ابتدأها مربي الاجيال الاديب الكبير الشيخ عثمان الصالح.وحمى الله جمار نخلنا "الجذب" من السوس وحمى عذوقها من داء (الغفار) وابعدها عن الغبار (مصيبة هذا العصر) مهما بالغنا فيه؛ قائلين: انه كحل العيون!!