د. شلاش الضبعان يكتب:

يعيش خريجو وخريجات الثانوية هذه الأيام حيرة كبيرة، وقد يرى البعض أن هذه الحيرة علامة ضعف وفشل، بينما في الحقيقة هي دليل فكر وهمَّة، فهم سيبدؤون من العام القادم مرحلة جديدة من مراحل حياتهم، وما بعد هذه المرحلة مبنيّ عليها، وتظل الخيرة فيما اختاره الله، والمستقبل لا يصنعه البشر بل يصنعه رب البشر «جل جلاله»، وما على الإنسان إلا بذل الأسباب بدعاء الله والتوكل عليه والاستخارة والاستشارة واستخدام الأساليب العلمية المجرَّبة.

ومن هذه الوسائل، بوصلة «رفق» وهذه البوصلة التي تسهم في تحديد الاتجاه الصحيح هي مأخوذة من:

• الراء من الرغبة، فأحد أساسيات اختيار التخصص الرغبة فيه، وهناك رغبات حقيقية مبنية على المعرفة بالذات والمعلومات المتوافرة عن التخصصات الجامعية من خلال القراءة وزيارة مواقع الجامعات والمعارض التي تقام، وهناك رغبات زائفة تشكّلت من انطباعات الآخرين وتجاربهم.

• الفاء من الفرصة، فهل لهذا التخصص فرص مستقبلية واعدة؟! وهناك عدة وسائل تُعين على تحديد ذلك، مثلما يتوافق مع رؤية المملكة العربية السعودية 2030، وما يطلبه القطاع الخاص، ووضع خريجي التخصص، وما تهتم به الكليات الخاصة وبرامج الابتعاث، وما يحظى بدعم عائلي مما كان فيه أكثر من فرد في العائلة، وندرة التخصص.

• القاف من القدرة، فهل لدى المتقدم القدرة على دراسة التخصص والتفوق فيه؟ وقد يكون لدى الإنسان قدرات في أكثر من تخصص، ولكن عليه أن يختار أحدها للدراسة الجامعية، ومن الممكن أن تكون البقية هواية، ومما يُعين على تحديد القدرة دراسة النفس (نقاط القوة والضعف والفرص والتحديات)، وهل يغلب عليه الحفظ أم الفهم؟، والمواد التي كان يميل لها في الثانوية، والمقاييس العلمية (وكلها موجودة على الإنترنت وباللغة العربية) ومنها: مقياس هولاند وديسك وبيركمان، ومقياس الميول المهنية في موقع قياس.

لابد من «رفق» بأكملها، ففرصة مع رغبة فقط يجب أن يفر صاحبها عنها؛ لأنه لا يمكن أن يسير في تخصص له فرص كبيرة، وهو راغب فيه، ولكنه لا يمتلك القدرة عليه كالطب لمن لا يتقن اللغة الإنجليزية، وقدرة مع فرصة من الأفضل أن يتوقف صاحبها عنها؛ لأنها عذاب في الدراسة والوظيفة، وقدرة مع رغبة ستؤدي إلى طريق مسدود؛ لأن التخصص بدون فرص، وأيضاً لابد من الحذر من وهْم النسبة العالية الذي يجعل أمام البعض طريقين لا ثالث لهما «طب أو هندسة»، فالنسبة العالية توسع الخيارات ولا تضيقها، وتحمي من الخضوع لرغبات الأصدقاء، وإملاءات الفاشلين لا الانقياد لها.

أخي الطالب/ أختي الطالبة، اتخذ قرارك بناءً على ما سبق، واسعَ لرفع اسمك واسم عائلتك.

@shlash2020