سالم اليامي يكتب:

عبارة لا تفهمني غلط تتردد في كثير من أحاديثنا اليومية، وهي باختصار دعوة للطرف الآخر بأن يتفهم حقيقة، وطبيعة مواقفنا. السؤال الذي يطرح نفسه في هذه المساحة هو وإن حدث وفهمنا الطرف المقابل بصورة خاطئة أو لم يحسن تفهم مواقفنا، وآرائنا، ومقاصدنا. ما الذي سيحدث؟ في رأيي الشخصي لن يحدث شيء خارج عن المألوف، ولا خارق للعادة، وكل ما هناك أن ما كتبه الرحمن لكل طرف سيحصل عليه. الغريب أن الفهم الخطأ سواء كان متعمدا، أو طبيعيا أي من طبيعة الشخص الفاهم فإنه أحيانا، وربما في أحيان كثيرة يكون خيرا لمن فهم بطريقة غير صحيحة من قبل الآخرين. في المحصلة النهائية يمكننا القول أن يكون المرء متأكدا من مواقفه ونياته الطيبة هذا هو الأصل، أما كيف ينظر له الغير، وكيف يفهمه الغير فهذا أمر مهم نعم، لكنه ثانوي، ولا يغني للمرء منا أن لا يفهم نفسه ويتأكد أنه لا يضر الغير في سلوكه وتفكيره ومنهجه في الحياة. مؤخرا جمعتني مناسبة ببعض الأصدقاء القدامى ممن تشاركنا معهم مقاعد الدراسة في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة وسألني أحد الحاضرين عن ذكرياتي والتي هي ذكرياته مع مدير مدرسة كنا تلامذة عنده وكيف كان أبا لنا، ولغيرنا من طلابه، في الحقيقة لم نعد نعرف عن الرجل شيئا ولكن الكل في ذلك الموقف تمنى له أمنيات طيبة ودعوة بالرحمة إذا كان في دار الحق، وأخرى بالصحة والسعادة إذا كان حيا يرزق. في المقابل سألنا نفس الزميل عن مدير المدرسة التي انتقلنا إليها في المرحلة المتوسطة، وركز في سؤاله عن غلظة الرجل، وقسوته، وشدته المبالغ فيها. الزميل الذي كان يسأل من الأقران الذين توقف تعليمهم قبل إتمام المرحلة المتوسطة لأنه ببساطة نفر من شيء اسمه مدرسة وكره الحضور، والانضباط، والنجاح. أسئلة الرد كانت محملة بالغضب وببعض الدعوات القوية على مدير المدرسة المتوسطة، من ضمن ما قاله ويمكن نقله للناس أنه لن يسامح ذلك المدير، وأشد من ذلك اعترف لنا نحن رفاقه المقربين أنه حاول في مرات كثيرة أن ينسى إساءات ذلك الرجل ولم يستطع. أغرب ما قاله زميلنا المفجوع أن أسرته وخاصة السيد والده رحمه الله كان من أسباب تركه لمقاعد الدراسة بسبب أنه أي الأب فهم المدير غلط أي أن الوالد قدر أن المدير حريص على مستقبل الطلاب فأعطى الضوء الأخضر من قبل الأسرة وهنا كانت الطامة.