قفزت أسعار القمح والذرة في أسواق السلع العالمية بعد انسحاب روسيا من صفقة تصدير الحبوب من أوكرانيا، كما يهدد انهيار الاتفاقية برفع أسعار المواد الغذائية للمستهلكين في جميع أنحاء العالم، ودفع الملايين إلى الجوع. وقال البيت الأبيض إن الصفقة كانت حاسمة لخفض أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء العالم، والتي ارتفعت بعد تدخل روسيا لأوكرانيا في فبراير من العام الماضي، لكن إلغائها يمثل تهديد كبير لعدة دول ومناطق ولا سيما الشرق الأوسط، وفق ما ذكرت شبكة سي إن إن الأمريكية، في الموضوع الذي ترجمت اليوم أبرز ما جاء فيه.
وصرح آدم هودج، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، في بيان: قرار روسيا تعليق المشاركة في اتفاقية حبوب البحر الأسود سيزيد من انعدام الأمن الغذائي سوءًا، ويلحق الضرر بملايين الأشخاص المعرضين للخطر في جميع أنحاء العالم.
وخلال الأسبوع الماضي، قفزت العقود المستقبلية للقمح في مجلس شيكاغو للتجارة بنسبة 2.7٪ إلى 6.80 دولار للبوشل، كما ارتفعت العقود المستقبلية للذرة بنسبة 0.94٪ لتصل إلى 5.11 دولار للبوشل. وإزاء ذلك، يخشى التجار من أزمة وشيكة في المعروض من المواد الغذائية الأساسية. لكن العقود تخلت عن هذه المكاسب في وقت لاحق.
ولا تزال أسعار القمح منخفضة بنسبة 54٪ عن أعلى مستوى سجلته على الإطلاق في مارس 2022 بعد الحرب الروسية الشاملة على أوكرانيا، بينما انخفضت أسعار الذرة بنسبة 37٪ عما كانت عليه في أبريل 2022، عندما وصلت إلى أعلى مستوى لها في 10 سنوات.
وضمنت اتفاقية البحر الأسود -التي تم التوصل إليها في الأصل بوساطة من تركيا والأمم المتحدة قبل عام- المرور الآمن للسفن التي تحمل الحبوب من الموانئ الأوكرانية.
وحتى الآن، سمحت الصفقة بتصدير ما يقرب من 33 مليون طن متري من المواد الغذائية عبر الموانئ الأوكرانية، وفقًا لبيانات الأمم المتحدة. تم تجديد الاتفاقية ثلاث مرات لكن روسيا هددت مرارًا بالانسحاب، وذلك لقولها أن الغرب أعاق تصدير منتجاتها.
قبل ذلك بأيام، أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أنه لن يجدد الاتفاقية، قائلاً إن هدف الاتفاقية الرئيسي، وهو توريد الحبوب إلى البلدان المحتاجة لم يتحقق بعد. ومن المرجح أن يكون لانهيار الصفقة تداعيات أبعد على العالم، إذا استمر التعليق الروسي لفترة طويلة.
وقبل الحرب، كانت أوكرانيا خامس أكبر مصدر للقمح على مستوى العالم، حيث مثلت 10٪ من الصادرات، وفقًا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
تعد أوكرانيا من بين أكبر ثلاث دول مصدرة للشعير والذرة وزيت بذور اللفت، وهي أيضًا أكبر مصدر لزيت عباد الشمس، حيث تمثل 46٪ من صادرات العالم وفقا للأمم المتحدة.
وفي العام الماضي، كانت الصدمات الاقتصادية التي شملت آثار حرب أوكرانيا والوباء هي الأسباب الرئيسية لانعدام الأمن الغذائي الحاد في 27 دولة ، مما أثر على ما يقرب من 84 مليون شخص، وفقًا لتقرير صادر عن شبكة معلومات الأمن الغذائي ، وهي منصة ممولة من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
تعرف المنصة، انعدام الأمن الغذائي الحاد على أنه نقص الغذاء لدرجة تعرض حياة الشخص أو رزقه للخطر. وقالت لجنة الإنقاذ الدولية (IRC) في نوفمبر، إن انهيار الصفقة سيضر بالذين هم على شفا المجاعة في منطقة الشرق الأوسط أكثر من غيرهم. كما قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، إن انهيار الصفقة من شأنه أن يحول الأمور إلى أزمة غذاء، إذا لم يتمكن المزارعون في جميع أنحاء المنطقة من الحصول على الأسمدة اللازمة قبل موسم الزراعة.
تعد روسيا أكبر مورد عالمي للأسمدة، وكجزء من الصفقة، تم الاتفاق على تسهيل وصول شحنات الأسمدة والحبوب الروسية، لكن روسيا تقول أنها واجهت معوقات. وقال محللون، أن تصدير ما يقرب من 80٪ من الحبوب إلى شرق إفريقيا يتم من روسيا وأوكرانيا، بينما يواجه أكثر من 50 مليون شخص في شرق إفريقيا الجوع، في وقت ارتفعت فيه أسعار المواد الغذائية بنحو 40٪ هذا العام، وهذا سيزيد إذا استمر تعليق الاتفاقية. وأوضحت كارولين باين، كبيرة اقتصاديي السلع في كابيتال إيكونوميكس، لشبكة سي إن إن الأمريكية: أن الدول الأكثر ثراءً أقل عرضة للتداعيات من بعض البلدان في الشرق الأوسط وأفريقيا.
واختتمت: من الواضح أن الارتفاع المتجدد في أسعار السلع الزراعية سيؤدي إلى ارتفاع أسعار التجزئة للمواد الغذائية، ولكن ربما ليس بالقدر نفسه، لا سيما في الاقتصادات المتقدمة.