أتذكَّر قبل عدة سنوات، انتشر بين الموظفين والموظفات وغيرهم من تجمّعات الأصدقاء والأقارب ما يسمى بـ (الجمعية)، وهي أن يقوم مجموعة من الأشخاص بدفع مبلغ مالي كل شهر لمدة محددة يتفقون عليها، سواء سنة أو سنتين أو أقل أو أكثر، ويستلمها أحدهم كل شهر لتصبح مبلغًا ماليًّا مُجزيًا يساعد الشخص على الكثير من الأمور الحياتية، في هذا السياق أحد الزملاء قبل فترة، قام بالادخار عن طريق أحد البنوك لمدة ست سنوات من خلال دفع مبلغ شهري لهم، قام بعدها بسحب المبلغ وشراء سيارة في وقت كان محتاجًا لهذا المال.
هذه الأفكار عبارة عن ادخار بطريقة أخرى، ولكن بإرادة وموافقة الفرد، وهي نفس فكرة التقاعد الذي يتم من خلاله خصم نسبة معينة من الراتب طوال فترة الوظيفة ليتم بعد طلب التقاعد الحصول على راتب شهري مجزٍ يُغنيك «بإذن الله» عن الحاجة للناس.
إذًا الادخار فكرة جيدة تساعد الرجل والمرأة على تجاوز الكثير من الصعوبات المالية، وتحقيق نوع من الرفاهية إذا تمّ استثمار هذه العوائد بالشكل الصحيح.
أغلبنا لا يعرف كيف يتحكّم في مصاريفه، نقوم بالصرف يُمنة ويُسرة، ولا نعرف قيمة المال إلا وقت الحاجة لتضطرنا الظروف إلى الحاجة للناس أو الاقتراض من البنوك بشروط صعبة، بينما كان بإمكاننا تجاوز تلك العقبات لو قمنا بتقنين مصاريفنا، وعدم تبذيرها في أمور ليست من الأساسيات أو حتى الكماليات المهمة، بل ننفقها في المطاعم والكافيهات والسفر والملابس والأحذية والأجهزة وغيرها، رغم عدم الحاجة الماسة إليها، ولكن من باب الفشخره والتباهي لنتورط في نهاية الأمر.
تجربة خصم التقاعد والتأمينات من الراتب فكرة جميلة يستفيد منها الموظف والموظفة، ولا يشعر بها مطلقًا، ولكن فوائدها عديدة ومزاياها لا تُعدُّ ولا تُحصى، لو قامت تلك الجهات بخصم (3%) من راتب الموظفين إجباريًّا طوال فترة الخدمة، والتنسيق مع البنوك في ذلك عند نزول راتبه ليحصل على مبلغ مالي جيد عند التقاعد يمثل قيمة ذلك الادخار يساعده في تخطّي الكثير من مشاكله المادية، وربما يؤسّس لعمل تجاري يحقق له مداخيل بعد تقاعده أو أي نشاط أو استثمار يرغبه، الكثير منا مثل الأطفال لابد أن تأخذ على يده ليقوم بعمل جيد ينفع نفسه وأسرته ولكن لو تركته وحده فلن يحقق شيئاً ليعود في النهاية يلوم الزمن والمجتمع، رغم أنه المُلام.