د. شلاش الضبعان يكتب:

ذكر صاحب الكشكول أحمد بن بهاء الدين العاملي أن: أبا الحسن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «رضي الله عنه»، كان يقذف بابنه محمد بن الحنفية في المهالك، ويقدّمه في الحروب، ولا يسمح في ذلك بالحسن والحسين «رضي الله عنهما»، حتى أنه كان يقول: هو ولدي وهما ابنا رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم»، فقيل لمحمد بن الحنفية: كيف يسمح بك أبوك في الحروب ويبخل بهما؟ فقال: أنا يمينه وهما عيناه، فهو يدفع عن عينه بيمينه.

في موقف محمد بن الحنفية رسالة بليغة لكل ابن وابنة لا يدرك الحب والحرص الموجود في قلب والديه، فيسيء الظن فيمَن لا يمكن بأي حال من الأحوال إساءة الظن بهما.

وفي تدخّل المتدخّل وقوله السام: كيف يسمح بك أبوك في الحروب ويبخل بهما؟ رسالة أيضًا لكل ابن وابنة، فمن تجرّأ على ابن علي بن أبي طالب «رضي الله عنهم»، سيجد الابن أو الابنة من البشر مَن يتجرَّأ على التدخُّل في علاقته بوالديه، ويسأله سؤالًا ظاهره الخير وباطنه دمار بيوت، والعبث بأسر إن لم يجد شخصًا قويًّا كمحمد بن الحنفية.

اليوم يواجه بعض الأبناء والبنات في مواقع التواصل الاجتماعي، وفي لقاءاتهم بأصدقائهم مَن يعبث بعلاقاتهم بوالديهم، فيسعى في تأليبهم على أحب الناس لهم وإليهم، فتقرأ وتسمع: إلى متى ووالدك مسيطر عليك، ويتخذ القرار بالنيابة عنك؟ إلى متى وأمك تتدخّل فيك بعقلية قديمة؟

والمصيبة عندما يُلبس مثل هذا العبث لباس التحضر والتنوير والحقوق، وأي تحضّر وحقوق يمكن أن تتحقق بنكران فضل مَن أحسنا إليك، فقال عنهما الرحمن «جل جلاله»: (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا)؟!

مَن صدّق أصحاب الأقوال والأفهام والمبادئ السامة في والديه فليراجع عقله وإنسانيته قبل أي شيء آخر، ويظل الخطأ موجودًا، ولكن الشاذ لا حكم له، ولا يمكن أن يُحل خطأ والد أو والدة بما هو أسوأ.

أكتب اليوم، وأنا كبير، أني ما خالفت والدي أو والدتي في أمر، إلا واكتشفت أنهما كانا على صواب وأنا على خطأ.

@shlash2020