عبدالله الغنام

الحياة العصرية يوما بعد يوم تزداد هرولة نحو استخدام التقنية، وأصبحت الأجهزة الذكية تقوم بالكثير من الخدمات بشكل مباشر، أضف إلى ذلك أن الآلات أيضا صارت تقوم بكثير من الأعمال الشاقة والخفيفة على حد سواء، وبذلك قلت الحركة والنشاط البدني لدى الإنسان بشكل ملحوظ، وقد قيل قديما: في الحركة بركة، ولكن اليوم كل شيء تقريبا أصبح على بعد ضغطة زر لتراه قد وصل إلى باب منزلك!.

والقضية تزداد سوءا خصوصا للأطفال حيث كنا نريدهم من المكوث والجلوس قليلا من كثرة الحركة والنشاط واللعب، والآن نحن نرجوهم أن يتركوا أجهزتهم ليقوموا بأي عمل ونشاط بدني بدلا من المكوث طويلا عند الأجهزة أو الالتصاق بالشاشات طوال الوقت. ويذكر عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: «علموا أولادكم الرماية، والسباحة، وركوب الخيل».

وبمناسبة ذكر (السباحة) فللمعلومية وللفائدة فهناك يوم عالمي يسمى (اليوم العالمي للوقاية من الغرق) وهو يوافق (25) من شهر يوليو الحالي. ويأتي الشعار لهذه السنة: «الجميع معرضون للغرق، ولكن يجب ألا يلقى أحد هذا المصير». ولعل سبب اختيار لفظ (للوقاية من الغرق) في عنوان اليوم العالمي لأنه بحسب هيئة الأمم: (في عام 2019م، توفي ما يقدر بنحو (236) ألف شخص بالغرق، مما تصدر بالغرق بوصفه مشكلة صحية عامة رئيسة في جميع أنحاء العالم. وفي عام 2019م، شكلت الإصابات ما يقرب من (8٪) من إجمالي الوفيات في العالم، وكان الغرق هو ثالث سبب رئيس للوفيات الناجمة عن الإصابات غير المقصودة). وبناء على ذلك صار من الضروري تعليم الأطفال السباحة بصفة عامة، وبشكل مخصوص أولئك الذين يعيشون قريبا من السواحل أو الأنهار أو الوديان، ومن المؤكد أولئك الذين يملكون مسابح خاصة في بيوتهم أو الاستراحات.

وأما عن أكثر المناطق التي يحدث فيها الغرق فهو كما ورد أنه في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل حيث يحدث فيها أكثر من (90%) من وفيات الغرق غير المتعمد. ولعل من الأسباب هو قلة الوعي والثقافة والتعليم، أو أن صعوبة الحياة ولقمة العيش، فهذه المناطق تشغلهم عن أمور أخرى هي أقل شأن بالنسبة لهم. ونقلا عن موقع هيئة الأمم عن هذا اليوم العالمي وبحسب تقسيم منظمة الصحة العالمية: (يحدث أكثر من نصف حالات الغرق في العالم في إقليم غرب المحيط الهادئ وإقليم جنوب شرق آسيا).

ولعل هناك عدة حلول مطروحة بعد زيادة الوعي والثقافة لمثل هذه المخاطر منها: تركيب حواجز للتحكم في مصادر المياه، تعليم السباحة ومهارات الإنقاذ وأصول السلامة المائية، التدريب على الإسعافات الأولية والإنقاذ والإنعاش، ووضع لوائح وإرشادات السلامة في أماكن واضحة ومرئية للجميع وبعدة اللغات، وإدارة مخاطر الفيضانات والمصبات الرئيسية للمياه. ومن المهم جدا أن يكون هناك منقذو السباحة في الشواطئ، وفي المسابح العامة والخاصة. بالإضافة إلى دورات معتمدة للمنقذين. فكل تلك من الأسباب التي تقلل من نسب الغرق لا سمح الله.

والشيء بالشيء يذكر، فقد جاء في الحديث النبوي أنه تعوذ من الغرق حيث: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو اللهم إني أعوذ بك من الهدم وأعوذ بك من التردي وأعوذ بك من الغرق والحرق والهرم وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مدبرا وأعوذ بك أن أموت لديغا [وفي رواية بزيادة] والغم».

وتعلم السباحة ليس فقط للحماية -بإذن الله- من الغرق، بل هي تعد من أفضل أنواع الرياضات والنشاط البدني، ولها كذلك فوائد صحية متعددة.

@abdullaghannam