Khaled_Bn_Moh@خالد الشنيبر

وزارة التعليم من الوزارات التي شهدت تغييرات عديدة خلال الخمس السنوات السابقة، وفي الأسبوع الماضي شهدت الوزارة مجموعة من قرارات التكليف لقيادات في مناصب قيادية، وتلك القرارات تمثل حدثا هاما يستحق الاهتمام والمتابعة، وتشير إلى التزام الوزارة بتطوير وتحسين أدائها لتحقيق مستهدفاتها بكفاءة وفعالية أكبر.

في السنوات الماضية شهدنا عدة توجهات لتطوير العديد من إستراتيجيات التعليم في المملكة، ولكن لم نر أي تواجد لإستراتيجية خاصة في مرحلة ما قبل الانتقال لسوق العمل، سواء كان ذلك بعد التعليم العام أو التعليم الجامعي، وتستهدف تلك الإستراتيجية زيادة ثقافة العمل وتطوير المهارات الناعمة الأساسية أو ما يُعرف بـ Soft Skills لبناء أجيال مختلفة ومميزة عن الأجيال السابقة، وقد يكون علاج هذا الخلل من خلال برنامج تنمية القدرات البشرية الذي تم الإعلان عنه مؤخرا، ولكن يبقى هذا الملف أحد أهم مسؤوليات وزارة التعليم ابتداء من المرحلة الثانوية كأقل تقدير.

ذكرت في أكثر من مقال أن العلاقة بين التعليم وسوق العمل هي علاقة تكاملية، وأساس تلك العلاقة ينبغي أن ينصب على «الميدان» بشكل أكبر من الاعتماد على «التعليم بالقاعات»، ولذلك من المهم تطبيق إستراتيجية خاصة في مرحلة ما قبل الانتقال لسوق العمل تختص في «التلمذة المهنية» وتعتمد على ٣ محاور رئيسية.

المحور الأول يتعلق بمدة ومتطلبات التدريب التعاوني أو التدريب الصيفي للطلاب، وذلك من خلال اشتراط إكمال ساعات تدريبية محددة بشكل سنوي، والمحور الثاني يتعلق بإلزامية العمل التطوعي لساعات محددة سنوية أثناء المرحلة الدراسية، والمحور الثالث يتعلق بوجود وثيقة خاصة للمهارات لكل طالب من طلاب المملكة تحتوي على ملخص لأهم المهارات الناعمة التي تم تدريبه وتطويره عليها، بالإضافة للبرامج التي شارك فيها الطالب خلال المرحلة الدراسية، ويتم توثيق تلك المهارات والبرامج إلكترونيا، وتعتبر تلك الوثيقة داعما إضافيا لأي طالب بجانب شهادته الدراسية مهما كان مستواها.

كوجهة نظر شخصية أرى أن توجهات «تغيير التخصصات أو تقليص أعداد القبول فيها» غير كاف أبدا لمواجهة واقع «مواءمة مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل»، ولا يعني أننا شخصنا هذا الواقع بشكل واف أو وصلنا لحلول لمعالجة هذا الخلل، وحتى نخرج من دوامة رمي التهم بين المؤسسات التعليمية وبين منشآت القطاع الخاص حول مخرجات التعليم، من المهم أن يكون هناك توجه لتطبيق إستراتيجية «التلمذة المهنية»، لأن اعتماد المستقبل بشكل أكبر على المهارات بدا أكثر وضوحا من قبل.

متفائل جدا في إحداث تغيير كبير في إستراتيجية التعليم بالمملكة كون وزيرها الحالي له خبرة سابقة في قيادة إدارة الموارد البشرية في شركة من أكبر شركات القطاع الخاص، ويعي حجم تحديات مواءمة مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل، وأقترح على معاليه إعادة النظر في الهيكل التنظيمي الحالي للوزارة، والنظر في تطوير إستراتيجية خاصة للتلمذة المهنية، ولو كان بيدي الأمر لخصصت لها وكالة خاصة في الوزارة نظرا لأهميتها.

ختاما؛ الانتقال من مرحلة التعليم لسوق العمل مباشرة بدون تهيئة الخريجين يعتبر هدرا لاستثمارات التعليم في المملكة، ومرحلة «ما قبل الانتقال لسوق العمل» ما زالت يتيمة ولم تتم مراعاتها بالرغم من أهميتها، فهل سنرى تبنيا فعليا من وزارة التعليم لهذه المرحلة في القريب العاجل؟.