عبدالعزيز الذكير يكتب:A_Althukair@

كان هذا الوصف مكان تقدير للعابرين والبوابات، وذلك عند توفير هاتف السيارة الذي كانت تكلفته ستين ألف ريال.

استعمل البعض الأنتن – دون تليفون – للفت النظر وكسب الإعجاب والتقدير، حتى رأت الجهات الأمنية آنذاك إيقاف كل سيارة تحمل الأنتن دون تليفون.

إنني لست الأول الذي طرح هذه الفكرة. وسأقولها، مع أن الموضوع يحتاج إلى خلفية اقتصادية لا أحوزها.

فلا أحد يتصوّر عند طرح خدمة الهاتف المتنقّل في التسعينيات من القرن الميلادي الماضي أنه سينطلق متحديًا أي توقّع أو قانون اقتصادي أو مبدأ. أو أن مستعمليه ومستفيديه سيكونون بهذا العدد. وعند البداية ظن الناس أن حيازته لن تتيسر بسهولة، فقدموا على أعداد كبيرة من الجوالات على أمل بيعها لاحقًا.

الفكرة التي أقولها أن تعميمه بهذا الشكل الهائل أصبح مصدر دخل وطني. أصبح جرياناً يرتفع مداه من السعوديين وغير السعوديين. ولنقل إن الهاتف المحمول هو الذي يرغم الوافدين على دفع مصاريف خدمة يتمتعون بها، أو أنه الوحيد الذي «يأخذ حقّنا» ويجعلنا «نمسك عراقيبهم» ليس من باب الظلم، بل من باب جعلهم يساهمون مع أهل الوطن في مصاريف دعم خدمة عصرية مهمة.

ولاحظ الباحثون في مستويات الدخل الفردي أنه – أي الهاتف النقال – زاحم الحياة المعيشية الضرورية، وثبّت بنداً مهماً من بنود الصرف لم يكن موجودًا قبل وجود الموبايل.

والفاحص لسلوك العمالة في بلادنا سوف يرى قلة منهم لا يحملون جوالًا، أو لا يتحدّثون بالجوال عبر حياتهم اليومية: عمال توزيع، غاسلو سيارات، عمال نظافة. رجال أمن أهلي (سيكيوريتي) مع أن ذوي الدخول الدنيا – عملًا وسلوكاً – يُفترض فيهم تحاشي ما قد يؤدي إلى تبذير كسبوه من مجيئهم إلى هذا البلد.

ثمة مَن تحكّمت بهم الحياة العاطفية نحو أهلهم وأحبابهم فلا يترددون في إطالة الحديث مع بلدانهم، ولا يقاومون الرغبة في الاتصال ويخصصون جزءا من أوقاتهم لعامل فارق التوقيت.

وليت الأمر توقّف على الحديث العملي والاتصال الضروري، بل رأيناه يتحوَّل إلى نغمات وتحميل وصور وأغان ومسابقات لا ضرورة لها، مما يوحي بوجود السأم والفراغ النفسي ويحاول المرء اجتيازهما ولو على حساب ميزانيته الضروري.