علي بطيح العمري يكتب:

كل قصة في القرآن الكريم تتكرر بطريقة أو بأخرى في حياتنا، قد تتغير الأسماء والزمان والمكان لكن عبراتها وعظاتها موجهة لكل إنسان.

ومن جملة هذه القصص قصة قوم سبأ اليمنية.

وسبأ قبيلة رزقهم الله بنعم كثيرة ومتعددة، فكانوا يعيشون في أرض خصبة، مع شيء من الرفاهية في الحياة، كان السبئيون يسكنون منطقة كستها الحضارة وعلاها التقدم في ذلك الزمان فهي مشهورة بجمالها وغناها.

طلب الله تعالى منهم: (كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ)، وكان ردهم بالجحود وكفران المنعم. فعاقبهم الله بأن سلبهم هذا الرخاء، وأرسل عليهم السيل الجارف؛ مما تسبب في انهيار السد، فهدمت مساكنهم وأبيدت بساتينهم.

ما هي إلا لحظات وتبدلت الحال.. من الغنى إلى الفقر، ومن النعيم إلى البؤس، ومن الخصب والرفاهية إلى الجدب والحاجة.

ومن قصة سبأ تعلمت..

* الابتلاء يكون بالخير والشر.. والعاقل يقابل النعمة بالشكر ويقابل المصيبة بالصبر.

* إذا كان الصبر نصف الإيمان فالشكر نصفه الآخر.. وقد تنازع العلماء في أيهما أفضل: الفقير الصابر أم الغني الشاكر. والشكر على النعم أفضل من الصبر؛ لأن الشكر اختياري والصبر اضطراري.

* شكر الله تعالى يبقي النعم ويزيدها قال تعالى: (وَإِذ تَأَذَّنَ رَبُّكُم لَئِن شَكَرتُم لَأَزيدَنَّكُم).

* كفر النعم يكون بنسيان المنعم، وعدم شكره، ويكون بالإسراف والتبذير في النعم.

* قوم سبأ من شدة تعودهم على النعم قالوا: «ربنا باعد بين أسفارنا».. فمع كثرة قراهم واتصال بساتينهم كان الواحد لا يشعر بالسفر والتعب.. فملوا هذه النعمة وأحبوا التغيير فدعوا بأن تكون أسفارهم متباعدة.

نحن اليوم اعتدنا على النعم وألفناها. حتى إذا سئل الواحد منا عن حاله قال: لا جديد..

نعاني اليوم من مرض قاتل اسمه «نسيان النعم».. نألف النعم حتى نظنها ليست نعمًا..

تستيقظ كل يوم من نومك وأنت بصحة هي نعمة تتغافل عنها.. تعيش في أمن وأمان هي نعمة حرمها غيرك، تعيش وعندك قوت يومك نعمة قل من يتنبه لها، تعيش مع أسرتك، وتمارس هواياتك «وجياتك وروحاتك» صحيح أنه روتين يتكرر لكنها نعمة لن تشعر بلذتها إلا إذا فقدتها.

الروتين الذي قد يرهقك اليوم، وتشابه أيامك الذي قد يزعجك هي نعم وإن بدت لك بخلاف ذلك، وجود العافية والأمور الطيبة والحياة الهانئة وبعدك عن المشاكل وخلوك من الابتلاءات هي نعمة تستحق الشكر.

الحقيقة يا سادة نحن غارقون في النعم، لكننا لا نشكر، ونحن في زحام من النعم لكن نركز على ابتلاء واحد وننسى آلاف النعم.. قال الحكماء: «مَن لم يشكر النعمة، فقد تعرَّض لزوالها، ومَن شكرها، فقد قيدها بعقالها». فكن من القليل الذين قال الله عنهم: «وقليل من عبادي الشكور»، فأكثر الناس اليوم ساخط على الحياة والقدر وكل الوجود.

* قفلة

قال أبو البندري غفر الله له:

إذا داهمك القلق وساورك الهم فعدد نعم الله عليك.

ولكم تحياتي،،،

@alomary2008