@Khaled_Bn_Mohخالد الشنيبر

الأسبوع الماضي شهدت مواقع التواصل الاجتماعي تباينا في وجهات النظر بين أصحاب المنشآت والمختصين، فضلا عن الآراء العامة والوسائل الإعلامية، حول موضوع تحديات المنشآت الصغيرة وأسباب خروجها من السوق، وفي هذا المقال سأتطرق لبعض أهم الأسباب من وجهة نظري الشخصية.

بداية من المهم توضيح أن ما سيتم سرده في هذا المقال لا يقلل من تميز العديد من المنشآت الصغيرة مقارنة بدول الجوار، ولا يقلل من إبداع ملاك تلك المنشآت في تجاوز العديد من التحديات، ولا يقلل من جهود هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة والتي تعتبر من أكثر الجهات تميزا خلال السنوات السابقة.

المنشآت الصغيرة تعتبر أحد أهم أركان أي اقتصاد، وتتميز تلك المنشآت بمعدلات نمو سريعة من حيث الحجم «كميا»، ومع ذلك، فإنها ما زالت تواجه تحديات كبيرة، والواقع الذي لا نختلف عليه اليوم، ملكية أو إدارة المشاريع الصغيرة في الوقت الحالي تعتبر واحدة من أصعب الوظائف الموجودة، كما أنها تشكل ضغطا نفسيا وصحيا على أصحابها، ويعود ذلك لعدة أسباب منها ما يخص التنظيم الداخلي «إداريا وتشغيليا»، ومنها ما يخص التشريعات والأنظمة.

كوجهة نظر أرى أن هناك ٦ تحديات رئيسية تواجه أصحاب المنشآت الصغيرة، وأتمنى أن تتقبل الجهات المسؤولة عن تلك التحديات وجهة نظري بكل صدر رحب، ولا يعني ذلك التقليل من جهودهم في تحسين بيئة الأعمال، ولكن الموضوع يحتاج إلى مرونة في إعادة النظر في العديد من القرارات كما تعودنا عليه منذ الإعلان عن رؤية المملكة المميزة.

أولا، تنظيم مبدأ المنافسة وحماية الأسرار بين أصحاب العمل والعمالة خاصة بعد تطور الاستثمارات المبنية على البيانات، في ظل عدم وجود وضوح في تطبيق المادة ٨٣ من نظام العمل، مما أضر ذلك بقطاع الأعمال خاصة بعد تطبيق مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية، وأدى ذلك إلى خلل في مفهوم «المنافسة الشريفة».

ثانيا، إعادة تفعيل مبادرة استرداد الرسوم، والتي تعتبر أحد أهم المبادرات التي ساعدت المنشآت الصغيرة في المملكة على الاستمرار في السوق، وتعتبر تلك المبادرة من أقوى وأكثر المبادرات أثرا إيجابيا على المنشآت الصغيرة.

ثالثا، إعادة النظر في آلية تطبيق المخالفات لجميع الجهات الحكومية، وخاصة في المناطق التي تشرف عليها «إجادة»، ومن المهم أن تتغير الإستراتيجية من فرض العقوبات إلى رفع معدلات الامتثال من خلال علاقة تكاملية مع أصحاب الأعمال، ولتكن العقوبات هي آخر الحلول وليس أولها أو حتى أوسطها.

رابعا، التستر التجاري وطريقة استقبال الشكاوى، فمن غير المنطق أن يتضرر صاحب المنشأة الصغيرة النظامية بسبب تجاوزات من صاحب منشأة صغيرة غير نظامية، خاصة فيما يخص منح نسب معينة من دخل المشاريع، بالإضافة للعمولات غير المنطقية «للمتستر عليه» لإبعاد الشبهات، وهذا النوع نجده بشكل كبير في المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، مما يؤدي إلى خلق منافسة غير شريفة مع أصحاب المشاريع الصغيرة النظاميين.

خامسا، إعادة تفعيل مبادرة «تعويض الكفاءات»، وتختص تلك المبادرة بتعويض نقص الكفاءات الوطنية في تخصصات «نادرة» أو «مهن لا يمكن توطينها حاليا»، بسبب عدم وجود من يشغلها من المواطنين، وتستهدف تلك المبادرة إعطاء حلول مثالية وسريعة للمنشآت حتى لا تتضرر عملياتها التشغيلية.

سادسا، إعادة النظر في مدة برنامج دعم التوظيف والذي يشرف عليه صندوق الموارد البشرية، حيث يعتبر هذا البرنامج من أهم البرامج لدعم المنشآت بجميع أحجامها، وأقترح أن تكون مدة الدعم للموظف لا تقل عن ٣٦ شهرا بدلا من ٢٤ شهرا.

ختاما، أحد أهم المستهدفات في رؤية المملكة، رفع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في إجمالي الناتج المحلي من ٢٠٪ إلى ٣٥٪، وهذا المستهدف تتشارك في مسؤوليته عدة جهات، وحتى نصل له بشكل مرن علينا أن نواجه أي تحديات في وقتها بدون تأخير، وكلي تفاؤل في المرحلة المقبلة لنرى مسيرة مميزة للمنشآت الصغيرة في المملكة.