- تحيط بنا الكثير من الظواهر والأحداث في هذا العالم الهائل، ولكن هل ندرك حقاً حجم سجن الحواس الذي نقبع خلف قضبانه غير المرئية! الإنسان على الرغم من كونه صاحب العقل البارع والقدرات الاستثنائية، فإن قدرته على رؤية وسماع الأشياء محصورة بأطوال الموجات المحددة، إنه ببساطة أسير حواسه، البشر في الحقيقة محصورون بين الرواسب الضيقة للإدراك الحسي، ينظر الإنسان إلى العالم من خلال نافذة ضيقة ومحددة تُعرف باسم العين، رؤية محصورة في نطاق الأطوال الموجية التي تتراوح بين الأشعة تحت الحمراء والأشعة فوق البنفسجية، وفيما عدا ذلك، يبقى الكون مجهولاً للإنسان الأسير في غياهب حواسه المرصودة، فاقدًا القدرة على رؤية الأشياء التي تقع خارج هذا النطاق الضيق المحدد، سواء كانت تلك الأشياء مبعثرة حولنا في الكون أو حتى تلك الموجودة على الأبعاد الأخرى! لا يقتصر ذلك على البصر فحسب، بل يمتد إلى المداخل الأخرى للإدراك الحسي، مثل السمع، فإن قدرة الإنسان على سماع الأصوات محصورة بترددات تتراوح بين 20 هرتزا و20 ألف هرتز. هل هذا يعني أنه لا توجد أصوات تتعدى هذا النطاق؟ بالطبع لا؟
- تشير نظرية الأبعاد المخفية إلى وجود أبعاد إضافية في الكون لا يمكننا إدراكها أو تجربتها بواسطة حواسنا العادية! حيث يُعتقد أن الكون يحتوي على أبعاد أكثر من الأبعاد الثلاثة الأساسية التي نعرفها وندركها ونتفاعل معها (الطول والعرض والارتفاع) على الرغم من أننا لا نستطيع التفاعل المباشر مع تلك الأبعاد المخفية، إلا أن النظريات الفيزيائية تشير إلى أنها قد يكون لها تأثير على عالمنا المعروف، وقد يساعدنا فهم هذه الأبعاد المخفية في تفسير بعض الظواهر الغامضة في الفيزياء، وفكرة الأبعاد المخفية ليست محصورة في المجال الفيزيائي فقط، فقد تشير أيضاً إلى وجود أبعاد أعمق وأكثر رمزية في الوجود البشري، مثل الأبعاد الروحية العقلية، هذه الأبعاد المخفية قد تؤثر على تجربتنا الحياتية وعلاقتنا بالعالم من حولنا! حتى وقت كتابة هذه السطور، يمكن اعتبار الأبعاد المخفية مجرد طرح فلسفي وعلمي مثير للاهتمام والتأمل، لكنه يدفعنا للاستكشاف والتساؤل حول طبيعة الواقع وأبعاده المحتملة التي قد لا نكون على دراية بها بعد، تعتبر نظرية الأوتار الفائقة واحدة من النظريات التي تدعم وجود الأبعاد المخفية، وتشير هذه النظرية إلى أن الجسيمات الأولية في الكون ليست نقاطاً صغيرة، بل هي أوتار رقيقة، كما أن هناك بعض الظواهر الفيزيائية التي لا يمكن تفسيرها بواسطة النماذج الحالية للفيزياء، مما يشير إلى أن هناك عناصر غير مرئية أو أبعاد إضافية نحن غير قادرين على استشعارها بواسطة حواسنا العادية، وهنا يمكننا القول بكل وضوح إن الإنسان مقيّد بحدود فعلية، ولا توجد طرق مكتشفة حتى الآن لتجاوز هذه القيود، وفتح آفاق أوسع لتجربة العالم من حولنا، إلا أن من النِّعم الربانية العظيمة، لدينا قدرة عقلية فريدة تمكننا من استكشاف العوالم المختلفة، وتجاوز الحدود المادية من خلال العقل والتفكير، يستطيع الإنسان استنباط الأفكار المجردة والمفاهيم الأبعد من حدود الحواس وقيودها، مما يسمح لنا بفهم أعمق للكون وبالذات، كما يمكننا استخدام التكنولوجيا لتعزيز حواسنا وتوسيع إمكانياتنا، فعلى سبيل المثال، العدسات اللاصقة والنظارات الذكية يمكنها تعزيز الرؤية وتمكيننا من رؤية ما وراء الطيف المرئي، ومن خلال الاختراعات الصوتية والتكنولوجيا السمعية،
- يمكن تحسين قدرتنا على الاستماع واكتشاف ترددات صوتية جديدة، العالم عظيم لا متناهٍ وأكبر من حواسنا!