- أنظار العالم تتوجَّه إلى أفريقيا القارة الأم المليئة بالمتناقضات التعدد الثقافي والغنى البشري والتمايز العرقي والفقر والفاقة، المستويات المتدنية لدخل الفرد ودرجة الرفاه التي ينعَم بها الإنسان الأفريقي.
- لا يُنكر أحد أن الصراعات، والانقلابات العسكرية كانت جزءًا من تاريخ هذه القارة ودولها، فالفترة المبكرة من عمر القارة الأفريقية ابتُليت بالاستعمار الذي نهب الخيرات، وأفقر البلاد، والعباد. ثم جاءت فترة الاستقلال في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، واستبشر الناس بالحكومات، والحكام الوطنيين، ولكن فرحة الناس في أغلب البقاع الأفريقية بالقيادات، والرموز السياسية الوطنية كانت مثل فرحة الأعمى بالصباح؛ حيث عانت طبقات ونخب اجتماعية، وثقافية من التفكير الأحادي، والاستئثار بالسلطة، وزاد البعض أن فتح المعتقلات، والسجون، أو هجر الناس بشكل قسري إلى دول مجاورة، أو إلى دول الاستعمار القديم.
- في أحاديث متفرقة مع أصدقاء من النخب السياسية، والثقافية من غير بلد أفريقي وجدت ما يُشبه الإجماع على عناصر تصف أهم أمراض هذه القارة العتيدة، العنصر الأول هو عنصر الاستعمار، والذي انقسم إلى مسارَين: الأول نهب الثروات، والثاني زرع المشاكل والعقبات التي تستعصي على الحلول السريعة في معظم بلدان القارة الأفريقية، وشعوبها. أما العنصر الثاني فيتمثل في فشل النخب السياسية في تحقيق أحلام الناس وانصرفنا إلى تحقيق المكاسب الشخصية، أو مكاسب الطائفة، والقبيلة والعرقية، أكثر من حدثني عن الأمراض السياسية في أفريقيا أكدوا أن الجهة التي كانت دومًا أكثر تنظيمًا في أفريقيا كانت طبقة العسكر، أو الجيش وهي الطبقة التي أدارت عددًا من البلدان الأفريقية، الغريب أن أفراد هذه الطبقة هم مَن اخترعوا الانقلابات العسكرية وتوّجوها حتى غدت بضاعة أفريقية بدون منازع.
- الحديث عن فترات الحكم المدني قليلة ولا تكاد سنواته تُعدّ على أصابع اليد الواحدة، في أحسن الحالات، وفي بلدان قليلة، وبعد هذه الفترات القصيرة، والمحدودة يعود العسكر للسلطة، ويقال إنه في بعض البلدان دأبت القوى المدنية التي قُدِّر لها الوصول للسلطة تسليم زمام الأمور في غير مرة للقوى العسكرية وللجيش بشكل رئيس.
قال لي فنان أفريقي يقيم في المهجر ويرسم لوحات عن أفريقيا وغاباتها وإنسانها المقهور، ويبيعها في الحي اللاتيني في العاصمة الفرنسية باريس، قال: أفريقيا أم الأرض قلبها كبير، لكنه مليء بالحزن.
- عيون العالم في الفترة الأخيرة على أفريقيا أرض الصراعات التي لا تنتهي، أفريقيا التي يحبها الأفارقة ويفضلون العيش في المهجر، أفريقيا التي يعشق أهلها السياسة ويحتقرون السياسيين.
العالم عينه على أفريقيا التي تصارع نفسها بنفسها.