علي بطيح العمري يكتب:alomary2008@

فرضت الصلاة في مكة قبل الهجرة النبوية، وفي المدينة عندما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم بدأ يبني المجتمع الجديد.. ومن ذلك مواقيت الصلاة، كيف يعرف الناس وقت الصلاة، وكيف يدعون إليها في زمن لم تكن هناك ساعات.

فكان الناس يترصدون الصلاة ويأتونها من غير دعوة وإعلام.

وبينما هم على ذلك رأى صحابي جليل اسمه (عبدالله بن زيد) رؤيا قصها فيما بعد على النبي الكريم؛ حيث رأى رجلًا يحمل ناقوساً في يده، فقال عبدالله له: أتبيع هذا الناقوس؟

قال الرجل: وما تصنع به؟ قال: ندعو به إلى الصلاة. فقال الرجل: أفلا أدلك على خير من ذلك؟ قال: وما هو؟ قال: قل: الله أكبر الله أكبر ........... الخ صيغة الأذان المعروفة.

فلما أصبح قصها على الرسول عليه الصلاة والسلام، فقال الرسول: إنها لرؤيا حق؛ فقم ألقها على بلال وليؤذن بها؛ فإنه أندى صوتًا منك.

يلفت القارئ كيف ترك أمر الأذان فلم ينزل فيه وحي بخلاف بقية العبادات، وشرع عن طريق رؤيا، ولم يوح للرسول بشأنه مباشرة.. ربما من الفوائد تدريب المسلمين على الاجتهاد في القضايا التي تمس حياتهم وتستجد في دنياهم.. على أن أمر الدين محسوم بوفاة الرسول، فكل زيادة فيه بعد وفاته تعد بدعة مردودة.

الرسول الكريم قبل اقتراح الرجل، ولم يقل له: لم أؤمر بشيء، هنا ينبغي على كل قائد أو مسؤول أو مرب أن يقبل اقتراح من حوله إن كان اقتراحًا له حظ من النظر، وألا يستبد برأيه، فالاستبداد بالرأي هلاك.

دق الناقوس من عادات النصارى، وهنا رفض لعادات الآخرين، وتمييز الأمة والمجتمع بأمور ثقافية أو دينية أمر بالغ الأهمية.. الإسلام لا يرفض ثقافة الآخر إذا كانت لا تتعارض معه، لكن تمييز المجتمع الإسلامي وعدم الذوبان في ثقافة الآخر مهمة جدًا.. لذا جاءت فكرة الأذان، وفي زمن سيدنا عمر بن الخطاب اعتمد التاريخ الهجري ليكون خصوصية للمسلمين، فويل لأمة تترك اليوم ما يميزها، وتذوب في ثقافات الآخر، وويل لأمة تقبل مصطلحات غربية تغزوها وتسمي بها مناسباتها وجوانب ثقافاتها وتترك لسانها العربي.

الجمال يحل في المرتبة الثانية بعد الأخلاق، فجمال الصوت لا سيما في قراءة القرآن والأذان فضيلة وإضافة جيدة، ويا ليت مسؤولو المساجد يحرصون على أن تكون مهام الأذان والإمامة لمن كانت أصواتهم جميلة لا أن تكون مجرد ملء فراغ.

جملة «أندى صوتًا منك».. تعني البحث عن المواهب، وإعطاء الأمر أهله ومن هو جدير به، وتعني وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وفعلًا كان بلال بن رباح أحد أشهر مؤذني النبي الكريم.

قفلة

قال أبو البندري غفر الله له:

الموهبة نعمة، ورعايتها صنعة عظيمة.

ولكم تحياتي،،