- يشهد العالم تحديات إنسانية متزايدة، ومن تلك التحديات ما يحدث في السودان، حيث أصبح هذا البلد مرتبطا بالأزمات الإنسانية التي لا تنتهي، والناجمة في حالات كثيرة من النزاعات المسلحة والفقر ونقض الدواء والغذاء والهجرة وأوضاع اللاجئين. المؤسف أن الأوضاع الإنسانية في السودان من بين أهم القضايا التي تواجهها البلاد منذ الاستقلال في العام ١٩٥٦م، ويعود الأمر في جله إلى المشاكل التي أصبحت حالة في البيئة السودانية مثل تعدد القوميات والصراعات الداخلية التي تؤثر سلبًا في الغالب على حياة المدنيين.
- وترصد التقارير الدولية الرصينة والموثقة عبر المنظمات الدولية أنه في العام ١٩٨٠م شهدت البلاد السودانية أزمة غذاء خانقة؛ بسبب جفاف المحاصيل والصراعات المستمرة، وقدرت الهيئات الإنسانية الدولية عدد المتضررين منها بملايين الأشخاص. يذكر أنه في العام ٢٠٠٣م اندلعت حرب دارفور التي كانت السبب الرئيس في نزوح مئات الآلاف من السكان علاوة على تسجيل انتهاكات جسيمة ضد الإنسانية. وتبعاً للقراءة التاريخية انفصلت جنوب السودان في العام ٢٠١١م عن شمالها، بعد صراع مرير بحث فيه أهل الجنوب عن الاستقلال، وهذه الحرب وهذا النزاع الذي دام لأكثر من عقدين كان أحد الأسباب التي أدت إلى تدهور الأوضاع الإنسانية في الشمال والجنوب بشكل مروع. ومن الأمور التي يعاني منها الناس في السودان وعلى مدى سنوات أزمة النزوح، وعادة ما يعاني النازحون من نقص في التغذية والأدوية بالإضافة إلى صعوبة الوصول إلى الخدمات الطبية والتعليمية. وتظهر الإحصائيات أنه في السودان ما يزيد عن اثنين ونصف مليون نازح في الظروف الطبيعية مما يعني تحديات كبيرة للجهات التي تقدم الدعم في كل أرجاء السودان. مشكلة النزوح لا تطال النازحين فحسب بل تتعداهم إلى المجتمعات المستضيفة لهم، حيث تواجه المجتمعات المستضيفة تحديات اقتصادية واجتماعية في تلبية احتياجات النازحين. وترصد التقارير الدولية أن هناك فجوة بين سبل التعاون بين الحكومة وبين المنظمات الدولية والإقليمية في بناء وتطوير قدرات المجتمعات المستضيفة.
- يضاف إلى ذلك ضعف الجهود الرسمية في كسر دورة الصراع وتعزيز السلام في المجتمعات والمناطق المتأثرة بالصراعات للتخفيف من دورة النزوح. الوضع الإنساني في السودان يشكل معضلة حقيقية إقليمية ودولية. ومن الخطوات الضرورية للتخفيف من أزمة الوضع الإنساني الحاد في السودان التقدم بخطوات ملموسة، لتعزيز الاستقرار السياسي لأنه سيكون الخطوة الرئيسة في تعزيز الوضع الإنساني. مع ضرورة توفر المساعدات الإنسانية وتشجيع التنمية المستدامة، لعل البلاد والعباد ينعمون بشيء من السلام.