@SaudAlgosaibi
- لا أحد يستطيع التكهّن بما سوف يحدث مستقبلا من مبادرات مع مجموعة بريكس، التي تضم عددا من دول العالم والتي تقودها روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، إلا أننا نسمع بالأخبار عن عملة رديفة دولية للدولار من خلال طرح لهذه المجموعة، ومسببات ذلك معروفة لعالم المال فالأحداث الأخيرة من الحرب الروسية - الأوكرانية أظهرت استخدام الدولار من قبل الولايات المتحدة كسلاح ولأول مرة مما يعني في سوق المال أن الاستمرار باستخدام الدولار يحوي مخاطر جوهرية. فمن جهة احترازية اكتوارية ولدرء المخاطر من ناحية ائتمانية يجب التقليل من استعماله بوجود هذه المخاطر أيا كانت طبيعتها أو مسبباتها وأخذ الحيطة منها. وهو إجراء متبع في كافة البنوك وشركات التأمين وجهات الاستثمار من درء المخاطر المحتملة وأخذ الحيطة والاحتراز منها.
- ومنذ قرار الدول المختلفة بعد الحرب العالمية اعتماد الدولار كأساس للتعامل والتبادل الدولي، لم يظهر ما يشوبه. كما لم تحاول الولايات المتحدة استخدامه كسلاح حتى في أوجّ حربها الباردة مع الاتحاد السوفيتي، مما يعنى أنه كان تاريخيا ضعيفا أو قليل المخاطر، إلا أن تغير الحال بتغير نمط السياسات الأمريكية تجاهه والتي كانت البناء الأساس لاستخدامه واعتماده الدولي. وحسب النظرية لكل فعل ردة فعل معاكسة بالاتجاه وموازية له بالقوة، مما يعني أننا سنشاهد شيئا جديدا منافسا للدولار للتقليل من تلك المخاطر سواء كان ذاك من بريكس أو من غيرها من التحالفات أو التجمعات الدولية وهو بالفعل ما حصل.
- وما ميّز مجموعة بريكس منذ إنشائها أنها سعت خاصة في السنوات الأخيرة من فك هيمنة البنك الدولي وأنظمته التي يعتقد أنها مجحفة للدول بإنشاء بنك دولي رديف دون القيود المتشددة من تدخل في الشأن الداخلي للدول المقترضة. فبريكس مجموعة حوارية ونقطة التقاء بين دول تجمعها مصالح اقتصادية ومالية وتجارة مشتركة. وما استجد على الساحة من الحرب الروسية - الأوكرانية، هو تجميد الولايات المتحدة أرصدة روسيا المالية ومنعها من التحويل به ووقف تعاملات بنوكها بالدولار. ذاك أطلق ناقوس الخطر لغيرها من الدول. وتاريخيا سبق أن جمّدت الولايات المتحدة أرصدة العديد من الدول وبعض المصارف التجارية، إلا أنها لم تلجأ لمثل هذه الخطوة الإضافية الجريئة بوقف التعامل بالدولار والتي غيّرت من طبيعة استخدامه كعملة دولية وسيطة لتعاملات التجارة العالمية.
- وقد تغير العالم ومنذ الحرب العالمية الثانية ومعه اقتصادات الدول، فروسيا والصين والهند مجمعة أصبحت تمثل قوة اقتصادية وتقنية لا يستهان بها، دلائل ذلك ما شاهدناه من هبوط مركبة هندية تُدار من الأرض. وهو إعلان عما هو قادم وسوف نشاهد أكثر. فنحن نعيش بمرحلة انتقالية من تفوق غير غربي في مجالات متعددة من العلوم المختلفة والتصنيع والتقنيات الحديثة. وإدراكًا بذاك التحوّل بالاقتصاد العالمي، قررت مجموعة بريكس دراسة عملة بديلة للدولار للتبادل الدولي من باب الاحتراز والتحوط المعروفين بسوق المال. وكذلك من توجيه الدعوة للانضمام لمجموعة من الدول النفطية ومنها السعودية لها مما يضيف ويعزز من المجموعة ككل.
- وبالإضافة لذلك يجعل من هذه العملة الجديدة إن طرحت وتمت الموافقة على آلياتها، أكثر قابلية على النجاح ويعزز من قدرة البنك الدولي الذي أنشئ عن طريقها، ويجهل أن ما سيتم مقايضة هذه العملة الجديدة بالذهب أو من خيارات أخرى، وبرأينا أن تكون عملة إلكترونية مشفرة مدعومة من البنوك المركزية لمجموعة بريكس، ومن بنك احتياط دولي أشبه بالبنك الفيدرالي الأمريكي لإصدار هذه العملة وإدارتها، تشارك به مجموعة دول المجموعة بآليات يتفق عليها. وهو الأفضل لتجنب التضخم ولخفض نسب الفائدة وشيوع إيداع المبالغ والاستثمار والتبادل به بين الدول المتعاملة معه.
- ورغم الأطروحات المختلفة كطرحنا، نحن نشاهد اليوم ما هو أشبه بمسرحية واقعية أو ذاك من الفيلم الوثائقي نرى ونسمع أول فصوله ومشاهده يروي لنا قصة تاريخية عن ولادة اقتصاد عالمي جديد.