عبدالله العزمان يكتب:azmani21@

- دائمًا ما يتردد كثيرا على ألسن الناس أن يقال: (الناس مخابر لا مظاهر)، وهو معنى عميق، يُشكّل قاعدة في العلاقات الإنسانية، فالمظاهر لا تسفر عن معادن الرجال، ولا تمحص الخبيث من الطيب.

- وهناك مواطن عديدة، ينكشف فيها الوجه الحقيقي لمَن تتعامل معه، فمن ذلك، القرب، فبعض الناس ما أجمله عندما يكون بعيدًا، تجده يبادرك برسائل التهنئة في المناسبات، ويحرص على تفقدك بين فترة وأخرى، ولكن عندما تقترب منه، تظهر لك أمور لم تكن لتتوقعها، مثله كمثل الطلاء على الجدار، يعجبك لونه ومنظره، ولكن عندما تقترب منه تجد أن سطحه خشن مؤذٍ.

- ومن هذه المواطن، السفر؛ لذا يقال إن السفر ما سمّي بذلك، إلا لأنه يسفر عن معادن الرجال، فصاحبك طيب المعشر في الحضر، ولكنه صاحب مزاج غريب في السفر، تختلف معه على أبسط الأمور، لا يوافقك في الأماكن التي تودّ أن تزورها، ولا تعجبه المطاعم التي تقترحها، يشغلك كما يشغل الطفل الصغير أباه في اختياراته ومزاجه، وتجده يقضي جُل وقته في النوم؛ لذا احذر أن تكرر رحلة مع هذا الصنف من الناس.

- ومن الأمور التي تكشف عن مخابر الرجال، المال، فالبعض من الناس يعز المال بطريقة عجيبة، لا يحب أن يفارق جيبه، ويتخذه خليلًا وصفيًّا، فيزهد بصحبتك بمجرد أي خلاف، ولو على النزر اليسير من المال، والبعض سمْح جميل إذا اقترض منك مالًا، ثم ما يلبث أن يكشر عن أنيابه إذا طالبته برد ما اقترضه.

- ومما يكشف عن باطن بعض الرجال أيضًا، الغضب، فبعض البشر ما أجمل صفوه، وما أحلى مجلسه، ولكن إذا غضب، فلا يكاد يحتمل، وقد يخطئ عليك وهو في ثورة غضبه، دون أن يدرك ذلك، إلا بعد فوات الأوان.

- وينكشف بعض البشر، في مواطن التنافس؛ حيث إنك تجده يتغيّر بطريقة غريبة عجيبة، عندما ينافسك على ترقية وظيفية، أو صفقة تجارية، أو غيرهما من الأمور الحياتية، فقد يعمد البعض، من هذا النوع، إلى أن يشوه صورة المنافس؛ ليفوز ويحصل على ما يريد.

- أخيرًا، اجتهد في اختيار مَن تصاحب وتخيّر مَن إذا صاحبته كان لك عونًا في الخير، وإذا فارقته دعا لك بالتوفيق والسداد، مَن يغفر الزلة ويصفح عن الخطأ، من يهب لنجدتك، ويُقيلك من عثرتك، مَن لا يلمزك في غيبتك، ولا يعيبك في حضورك، وإن صعب عليك ذلك، فلن تعدم أن تجد مَن لا يتعمد ضررك ويحفظ لك ودك.

- قال الشافعي:

إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفا.. فدعه ولا تكثر عليه التأسفا

ففي الناس إبدال وفي الترك راحة.. وفي القلب صبر للحبيب ولو جفا

فما كل مَن تهواه يهواك قلبه.. ولا كل مَن صافيته لك قد صفا.