- يظن البعض أن إتيكيت الطعام أو آداب المائدة ميزة يتميّز بها الغربيون، بينما الحقيقة أننا نحن أهل الأدب، ديننا وقيمنا تربينا على الأدب والتعامل الراقي في كل جانب من جوانب حياتنا، وفي هذا رسالة أيضًا لمَن واقعه يخالف مبادئه.
كتب الكثيرون في أدبنا عن آداب المائدة، ومنهم بدر الغزي الذي كتب كتابه آداب المؤاكلة وفيه: هذه جملة من العيوب التي من علمها كان خبيرا بآداب المؤاكلة، وعدّتها واحدا وثمانين عيباً حسبما نقلناه مفرقاً، وذكر منها: الزاحف والمدمع والمقطع والمبعبع والمفرقع واللحّاس والمعرّض والنفاخ والممتد والجرّاف والمقزز والفضولي والمشيّع والمتخلل.
- أما الزاحف: فهو الذي إذا قدم الطعام زحف إلى المائدة قبل الجماعة، وربما كان الطعام لم يتكامل تصفيفه، أو كان رب المنزل مرتقباً حضور من يتوقعه.
- وأما المدمع: فهو الذي يتناول الطعام الحار، ولا يصبر عليه إلى أن يبرد، فيتناول اللقمة، فيخلف ظنه في احتمال حرارتها، فتدمع عيناه عند احتراق فمه، وربما اضطر إلى إخراجها من فيه.
- والمقطع: هو الذي إذا تناول اللقمة بيده استكبرها، فعض على نصفها، ويعاود غمس النصف الآخر في الطعام، والمبعبع: هو الذي إذا أراد الكلام لم يصبر إلى أن يبلع اللقمة؛ لكنه يتكلم في حال المضغ فيبعبع كالجمل.
- والمفرقع: هو الذي لا يضم شفتيه عند المضغ، فيسمع لأشداقه صوت من باب بيته.
- واللحّاس: وهو الذي يلحس أصابعه قبل أن يفرغ من الأكل، ثم يعيدها للطعام.
- والمعرّض: هو الذي يعرّض بذكر ما أخل به رب المنزل من الأطعمة، ولو في حكاية يوردها، والنفّاخ: هو الذي يتناول اللقمة الحارة فينفخها بفيه ابتغاء تبريدها.
- والممتد: هو الذي يأكل من صحيفة بعيدة عنه، والجرّاف: هو الذي يضع اللقمة في جانب الزبدية، ويجرف بها إلى الجانب الآخر.
- والمقزّز: هو الذي يتحدث على المائدة بما تشمئز نفوس مؤاكليه من سمعه.
- والفضولي: وهو الذي لا يتمالك إذا رأى الخروف المشوي حتى يتناوله بيديه فيمزقه ويلقيه إربًا إربًا، ويظن أنه قد أحسن وبرّ بالحاضرين.
- والمشيّع: وهو من عينه إلى لقم الحاضرين وأكلهم، فعينه لأخذ ذا، وضم ذا، وبلع ذا.
- والمتخلل: هو الذي يخلل أسنانه بأظفاره.
- عندما نرى حال البعض في المناسبات، نقول: ليت كل أب وأم يربيان أبناءهما على آداب مجتمعهم في المائدة، عن عمر بن أبي سلمة، رضي الله عنهما، قال: قال لي رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم»: «سَمِّ اللَّه، وكُلْ بِيَمِينكَ، وكُلْ مِمَّا يَلِيكَ».