@Khaled_Bn_Mohخالد الشنيبر

- الاحتراق الوظيفي موضوع مهم جدا في سوق العمل، وأثره السلبي يصل حتى لبيئة العمل وجميع العاملين في أي منظمة، وهذا الموضوع نجد تكرار مناقشته في وسائل التواصل الاجتماعي، وتختلف الآراء حوله بشكل كبير لدرجة أن بعض الآراء تصل لمرحلة «تضليل الموظفين» من خلال استعطافهم بشكل غير صحي.

- أفضل وصف قرأته عن معنى «الاحتراق الوظيفي» هو تعريف المعالج النفسي «هربرت فرودنبرجر»، حيث وصف الاحتراق الوظيفي بأنه التكلفة المرتفعة للإنجاز العالي، والتي تتمثل في حدوث «انقراض» أو «تقلص» للدافع أو الحافز الذي يحركنا في الحياة أو يدفعنا للاستمرار في العمل وتحقيق التطور المهني، والذي يحدث بشكل خاص عندما تفشل جهود الشخص في تحقيق النتائج المرجوة، وهذا الأمر يولد كردة فعل من ضغوطات العمل وضغوطات الحياة.

- بحكم قربي من سوق العمل، أرى أن ضغوطات الحياة الشخصية أثرها أكبر من ضغوطات العمل، وتعتبر في كثير من الحالات الأساس في دخول الموظفين لمراحل الاحتراق الوظيفي، وبمعنى أوضح نجد أن ضغوطات الحياة الشخصية تسرع من حدوث الاحتراق الوظيفي، وهذا الأمر بيد الموظف نفسه ولا يمكن لأي شخص أن يتحكم فيه، وحتى يتمكن الموظف من مواجهة تلك الضغوطات من المهم أن يؤمن بمقولة «النفس غالية، لم يمنحك الله هذه النفس لتهينها».

- كوجهة نظر شخصية بالرغم من اختلاف البعض معي حولها، لا أرى أن الموظف يصل لأي مرحلة من مراحل الاحتراق الوظيفي في حال حصوله على أجره بدون تأخير، بالإضافة لوجود الاحترام في بيئة العمل دون وجود أي تعديات سلوكية وأيضا في حال وجود التوازن بين الحياة العملية والحياة الشخصية للموظف، فهناك فرق بين التملل من العمل والروتين التقليدي وبين مفهوم الاحتراق الوظيفي بمعناه الحقيقي، ولا يعني ذلك أنه لا يوجد هناك ما يسمى الاحتراق الوظيفي للموظفين، ولكن من المهم التفرقة بين مفهوم «الاحتراق الوظيفي» وبين الظروف والتحديات التي يواجهها الموظف في بيئة العمل أو خارجها.

- مع مراعاة عدم وجود «تعديات سلوكية» في بيئة العمل، قد يرى البعض من الموظفين أن المسؤول المباشر «غير الجيد» هو المتسبب في وصولهم لمرحلة الاحتراق الوظيفي، وكوجهة نظر شخصية أرى أن «التعلم» من خلال الاحتكاك مع مثل هذا المسؤول يعتبر فرصة أفضل من التعلم من خلال الاحتكاك مع المسؤول المباشر «المجامل للموظف»، وهنا تتضح قدرة الموظف على التعامل والتكيف وتطوير مهارات عديدة له كمهارة التواصل على سبيل المثال، ولذلك من المهم ألا نعتبر وجود المسؤول «غير جيد» كمرحلة للدخول في دوامة الاحتراق الوظيفي.

- وجود قنوات اتصال مفتوحة مع المسؤول المباشر أو الإدارة العليا، ووجود تواصل فعال مع إدارة الموارد البشرية في المنظمة نفسها، وتقدير الجهود التي يقوم عليها فريق العمل، جميعها تعتبر أسسا لتميز أي بيئة عمل، وتجاهل أصحاب الأعمال والمسؤولين لتلك الأسس سيؤدي إلى تحويل منشأتهم إلى «جسر» للغير من المنشآت، ولا أعتقد أن مثل تلك الأسس مكلفة حتى يتم تجاهلها، وبنفس الوقت لا أنصح أي موظف بالعمل في أي منشأة تتجاهل مثل تلك الأسس.

- ختاما، نصيحتي لأي موظف يعتقد أنه وصل لمرحلة الاحتراق الوظيفي بأن يعيد النظر في الفرق بين هذا المفهوم وبين مفهوم تحديات العمل والظروف الشخصية، وإذا لم تتضح له الصورة فمن حقه البحث عن فرصة عمل أخرى حيث إنه لا يوجد أي قانون يجبره على تجديد عقده مع نفس صاحب العمل.