عبدالعزيز الذكير يكتب:A_Althukair@

لم تكن الولائم الباذخة بمناسبات الأعراس شائعة في بلادنا قبل الحرب العالمية الثانية. كان الداعون يكتفون بالشاي والقهوة و«الرشوش» وهو ماء الورد، يُرشّ على المهنّئين قبل مغادرتهم للدار.

الشحُّ والقلّة كانا الطابعَين الظاهرَين في المجتمع في تلك الفترة، ورأى أن البذخ والإسراف في الولائم بأيامنا المعاصرة ما هو إلا الثأر، أو الانتقام النفسي، عن الفترة التي عاشتها البلاد، وعانى منها المجتمع في أيام الشح والقلة والإمساك والقتر، واستند أصحاب هذا القول بأن البذخ والإسراف يقلّان أو ينعدمان عند غيرنا من الشعوب.

كانوا في مناسبات الأعراس يختارون للنساء القسم العلوي من المنزل، السطح يفرشونه بالبسط ويزوّدون الموقع بأدوات الشاي والبخور ورشوش ماء الورد، ويُثير تساؤلي الآن كيف يتحمّل البناء الطيني ذاك العدد من النساء والأطفال والمعدات والفُرُش، وهو بناء طيني وخشب الأثل وأغصان النخيل، وبدون دعامات حديدية أو خرسانة.

تنتهي حفلة النساء إذا سمعْن العبارة المشهورة: بارك الله بمَن زار وخفّفْ.

وبالمناسبة العبارة تلك طبّقها مدعوّو هذا الزمن، فالمدعوُّون لبُّوا الدعوة فقط؛ لمد اليد للسلام ونطق طقوس التبريكات، ثم ينصرفون تاركين الموائد العامرة بأطايب الطعام، إما بسبب ارتباط سابق أو للحفاظ على الحنية والوزن.

لم يسمعوا عبارة: بارك الله بمَن زار وخفّفْ، لكنهم مطبّقونها مسبقًا.

وتطوّع أحد المدعوين ذات مرة بعمل إحصائية مبسطة لعدد الداخلين من المدعوّين إلى مناسبة زواج في قصر باذخ، فوجد النتيجة أن أكثر من نصف المدعوّين لا يجلس في القاعة، بل يكتفي بالسلام والتبريك، قبل حلول كلمة تفضّلوا الله يحييكم على العشاء.

الأفراح والأتراح باتت تغزو معظم المجتمعات العربية بشكل لافت، وأصبحت معظم المناسبات في هذه الأيام يلحقها الكثير من الإسراف، وسوء التدبير؛ حيث يتعامل الناس بصورة مبالغ فيها من ناحية صرف الأموال على حسب المظاهر حتى لو كانوا فقراء.

ولقد ذمّ الله الإسراف في كثير من الآيات القرآنية، ونهى عن القيام بها، ومن ذلك قوله تعالى: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قوامًا) [الفرقان: 67].