عندما نرى بعض المديرين الذين لا يتوقفون عن عمل كل شيء في المؤسسة، نُثني عليهم، ونشكر نشاطهم، فهل هذا هو الصحيح؟
تُعرف الإدارة بأنها: وظيفة تنفيذ الأعمال عن طريق الآخرين باستخدام التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة وذلك من أجل تحقيق أهداف المنظمة بكفاية وفاعلية مع مراعاة المؤثرات الداخلية والخارجية.
وبالتالي من خلال تعريف الإدارة، فعمل المدير الطيّب الذي يسد مكان كل مقصّر ليس هو الصحيح، وليس من النجاح الإداري؛ لأنه سيعوِّد الموظفين على الاتكالية، وسيصرف المدير عن عمله الرئيس بالقيام بواجبات التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة، وسيرهقه كذلك، وبالتالي هذا النوع من المديرين لا يمكن أن يبقى في الإدارة طويلًا؛ لأنه سيكون عنده وجع رأس وصداع دائم، وأمراض متتابعة.
هذا الصنف من المديرين، والذين يتمتعون بالطيبة وهضم الذات، نواجه الكثير منهم في مؤسساتنا، وقد كنتُ يوماً في مراجعة لإحدى إداراتنا حوالي الساعة الحادية عشرة، فلم أجد الموظف المختص، وبعد الانتظار لفترة ذهبت إلى المدير، فكان قمة الأدب والأخلاق، واستقبلني استقبالاً جميلاً، وضّحت له الموضوع، فقال: ولا يهمك، وأخذ أوراقي وخلّصها بنفسه، ثم أحضرها لي وهو يشتكي من الجيل الجديد من الموظفين الذين لا يهتمون، فهذا الموظف الذي عنده المعاملة عنده أولاد يوصلهم للمدرسة، وبالتالي فهو يخرج مبكرًا ليصلي الظهر، ثم يوصل أولاده.
شكرته وأنا أرحمه، وأتوقع أنه لن يستمر طويلاً في مكانه، إن كان سيقوم بعمل كل مَن يوصل أبناءه المدرسة.
أيضًا مؤسسات البيوت تعاني من عدم معرفة الإدارة حقيقة، فالأب يقوم بجميع الأعمال بالنيابة عن الأبناء، والأم ترسل البنت لتطبخ وعندما ترى تلكؤها تهاجم جيل اليوم وتقفز إلى المطبخ لتقوم بالمهمة، فتنشأ البنت وتتزوج وهي لا تعرف إلا «الفاست فود».
كل ما سبق لا يعني أن المدير الذي يجلس على كرسيه ويكتفي بتنفيذ الأعمال من خلال الآخرين، من إصدار الأوامر أنه هو الصحيح، فكلا طرفي الأمور ذميم.
واجهت مديراً من هذا الصنف، كنتُ كلما زرته لا يتوقف عن الحديث عن أمجاد قبيلته وتاريخها، ولا يكاد يتحرك من كرسيه، بينما المؤسسة تسير بالبركة، وحسب اجتهادات الموظفين.
قبل أن نعيّن مديراً يجب أن ننظر في معرفته لتعريف مهنته، وكيف فهمه لها، حتى لا نقتل المدير أو نقتل المؤسسة.
@shlash2020