- كل منا مسؤول عن مصيره، وعما يحدث له الآن وما سيحدث له لاحقا، فنحن ننسج ملامح مستقبلنا ونحدد مصائرنا في كل لحظة، سواء أدركنا ذلك أم لا، ونحن مَن نصنع حظنا الجيد أو السيئ بمحض اختيارنا أو بعدمه، ولا يمكننا أن نلوم أحدا سوى أنفسنا بسبب وضعنا الحالي أو المستقبلي، حتى الأحداث التي يفترض أنها خارج نطاق سيطرتنا يمكن الاستفادة منها لصالحنا، فكل شيء مقدّر وغير مقدّر في الوقت ذاته، وهذا يعتمد على ما إذا كنا إيجابيين أو سلبيين في سيرورة حياتنا.
- وسيظل مستقبلنا مثل ماضينا تمامًا إذا لم نفعل شيئًا لتغييره، حيث يقودنا محتوى نفسيتنا باستمرار إلى اتجاه أو آخر، ولكننا غير واعين لهذا الأمر معظم الأحيان، فنحن منقادون بالمحتوى النفسي اللا واعي الذي يتخطى فهمنا ومعرفتنا، وهذا المحتوى غير الملحوظ نسميه «العقل اللا واعي»، والذي يعتقد أنه يمثل 90% من مجموع نفسيتنا، وهو الذي يقود قدرنا في معظم الحالات؛ حيث تقبع في أعماقه كل أنواع الدوافع أو الميول الجيدة والسيئة، والتي تراكمت وتبرمجت من ذكرياتنا وتجارب طفولتنا، ومن خلالها تنشأ دوافعنا التدميرية الذاتية اللا واعية من التجارب السلبية، أو الاندفاع والثقة والطموح من مجموع الذكريات الإيجابية التي شهدناها في صغرنا، فكل هذا المحتوى اللا واعي لنفسيتنا يشكل بصورة مستمرة حاضرنا ومستقبلنا وحياتنا، ولهذا فنحن وحدنا المسؤولون عن مصيرنا، سواء عرفنا ذلك أم جهلنا، والأشياء التي تحدث لنا هي نتاج أفكارنا، فنحن ما نفكّر به، سواء خلقنا تلك الأفكار عن وعي أو بدون وعي، وينبغي أن نضع في اعتبارنا أن كل ما يمكن أن نفكر فيه أو نتصوره يتجه إلى أن يصبح حقيقة واقعة. وبعبارة أكثر دقة، كل ما هو حقيقي على مستوى التصور الذهني لديه القدرة على تجسيد نفسه على المستوى المادي، وسوف يسعى لفعل ذلك. فكل شيء موجود على المستوى العقلي سوف يحاول باستمرار أن يتمظهر بشكل مادي وسوف ينجح عاجلا أم آجلا، سواء كان هذا الأمر ملائما للشخص أم لا.
- وكل ما هو غير واعٍ ينعكس على قراراتنا، فاللا وعي أو العقل الباطن لا يميّز بين الحقيقي والخيالي، أو بين الواقعي وغير الواقعي، فكل محتوى شعوري موجود على هذا المستوى هو حقيقي، ويتخطى مسألة ما إذا كان له وجود مادي أم لا، أو مترابط من ناحية منطقية أم غير مترابط، مما يجعل من المهم أن نعرف أن هناك عمليات نفسية لا واعية تتحكم بقدرنا. وأن نتقبل أيضًا أن كل تصور عقلي يتجه لإظهار نفسه على المستوى المادي، لذلك فأهم ما علينا فعله هو التأثير الذاتي المتعمّد على تصوراتنا الداخلية بقصد إحداث تغييرات في المستوى العقلي اللا واعي وفقًا لأمنياتنا، فإن تمكّنا من السيطرة على اللا وعي سنتخطى أكبر عقباتنا، ولن نكون ورقة في مهب الريح، بل سنصبح قادرين على تحقيق طموحاتنا بأمر الله وقوة القدرات التي منحنا إياها، نظرًا لأن الفكر والخيال الإنساني ليس له حدود، ونستطيع القول إنه لا يوجد قدر محدد سلفًا إلا عندما لا نهتم بتغييره، لأننا مجهّزون ربانيًّا بما يلزم لتغيير ماضينا وبناء حياة جديدة في المستقبل.
@LamaAlghalayini