أكد الدكتور عبد الله الشهيل، الأستاذ المساعد بقسم علوم الأرض في جامعة الملك فهد البترول والمعادن، عدم وجود طريقة دقيقة للبشر على التنبؤ بالزلازل، مشددًا على أهمية الاستعداد والتكيف مع الزلازل، مشيرًا إلى إمكانية حدوث الزلازل في المناطق الغربية للمملكة.
وأوضح لـاليوم في حوار خاص، أن الشبكة السعودية لرصد الزلازل تتكون من أكثر من 230 محطة تركز بشكل رئيسي في المناطق النشطة زلزاليًا، لافتا إلى أن تلك المحطات تعمل بكفاءة عالية، وتقوم بجمع البيانات التي يتم معالجتها لتقديم معلومات دقيقة عن الزلازل.
وإلى نص الحوار:-
- ما هي العوامل الرئيسية التي تؤدي إلى حدوث الزلازل؟
الزلازل هي ظواهر طبيعية تحدث نتيجة حركة صفائح القشرة الأرضية، يتكون سطح الأرض من مجموعة من الصفائح الكبيرة التي تتحرك بسبب القوى الداخلية للأرض، عندما تتحرك هذه الصفائح، تتولد ضغوط في بعض المناطق، وهذه الضغوط تؤدي إلى حدوث اهتزازات أرضية تعرف بالزلازل.
- هل يمكن التنبؤ بحدوث الزلازل وما مؤشراتها؟
التنبؤ بحدوث الزلازل هو موضوع يثير اهتمام المجتمع بشكل كبير، إذ يعتبر التنبؤ المبكر بالزلازل أمرًا هامًا لتقدير أهميتها وتوفير المعلومات اللازمة قبل حدوثها بوقت كافٍ. تمت دراسة هذا الموضوع منذ فترة طويلة، وتشمل الدراسات استخدام التكنولوجيا والاعتماد على بعض الحيوانات التي تمتلك القدرة على الشعور بالاهتزازات البسيطة التي لا يمكن للبشر أن يشعروا بها، مثل الفيل. ومع ذلك، لا يوجد حاليًا أي طريقة دقيقة للتنبؤ بالزلازل. المقاربة الأمثل للتعامل مع الزلازل هي تعزيز الاستعداد والتكيف معها.
- ما هي أنواع الزلازل التي يمكن حدوثها في المملكة وما نسبتها؟
تقع المملكة العربية السعودية في الصفيحة العربية، وهي تتواجد بين الصفيحتين الإفريقية والأوروبية الآسيوية. تتحرك الصفيحة العربية بعيدًا عن الصفيحة الإفريقية في صدع البحر الأحمر، مما يؤدي إلى حركة الصفيحة العربية باتجاه الشمال الشرقي. على الرغم من أن هذه الحركة لا تشعر بها البشر لأنها تحدث على مدى عدة سنتيمترات في السنة أو أقل، إلا أنها قد تتراكم مع مرور الوقت وتؤدي إلى حدوثه.
بالنسبة للمملكة العربية السعودية، يكون الاحتمال الأكبر لحدوث الزلازل في المناطق الغربية للمملكة، وهناك أنواع من الزلازل المصاحبة للنشاط البركاني، مثل في حرة الونير وكان يوجد بها نشاط من عدة سنوات وقد تم رصده من قبل الهيئة السعودية للمساحة والجيولوجيا.
- حدثنا عن الجهود التطويرية لمتابعة الزلازل وأنظمة رصدها؟
فيما يتعلق بالزلازل في المملكة، تولي الجهات المختصة اهتمامًا كبيرًا لهذه المسألة على مختلف الأصعدة، في عام 2005، تم نقل اختصاص رصد الزلازل والبراكين من المركز الوطني للزلازل والبراكين إلى الهيئة السعودية للمساحة والجيولوجيا. ومنذ ذلك الحين، بذلت الهيئة جهودًا كبيرة في تطوير أنظمة الرصد واستخدام التكنولوجيا الحديثة وتطوير العنصر البشري.
تتكون الشبكة السعودية لرصد الزلازل من أكثر من 230 محطة تركز بشكل رئيسي في المناطق النشطة زلزاليًا. تعمل هذه المحطات بكفاءة عالية، وتقوم بجمع البيانات التي يتم معالجتها لتقديم معلومات دقيقة عن الزلازل.
- ما هي الإجراءات الاحترازية التي يتخذها الباحثون والمسؤولون؟
وفي حالة حدوث زلزال، يتم اتخاذ العديد من الإجراءات الاحترازية من قبل الباحثين والمسؤولين. وتتضمن هذه الإجراءات:
الاستعداد والتحضير المسبق: يتم تدريب وتجهيز الفرق والمختصين للتعامل مع حالات الزلازل قبل حدوثها، بما في ذلك تطوير الخطط والإجراءات الاحترازية.
مراقبة ورصد الزلازل: يتم مراقبة النشاط الزلزالي باستمرار باستخدام الشبكة المكونة من المحطات والأجهزة الحساسة. يتم تحليل البيانات المجمعة لتحديد موقع وشدة الزلزال.
الإبلاغ والتوعية العامة: يتم إصدار تنبيهات وإشعارات للجمهور والجهات المعنية عند حدوث زلزال. يتم توفير المعلومات اللازمة للمواطنين حول سلوك السلامة والإجراءات الوقائية.
التعامل مع الطوارئ: تلعب الجهات المختصة مثل الدفاع المدني دورًا حاسمًا في التعامل مع حالات الطوارئ الناجمة عن الزلازل. يتم تنفيذ خطط الاستجابة الطارئة وتنسيق الجهود لمساعدة المتضررين وتأمين المناطق المتأثرة.
تحديث كود البناء: بناءً على الزلازل الأخيرة، قامت المملكة بتحديث نظام كود البناء وتطويره ليكون متوافقًا مع احتمالية حدوث هزات أرضية. يتم وضع معايير وتوجيهات للمباني لضمان قدرتها على تحمل الزلازل والحفاظ على سلامة الأفراد.
بالإضافة إلى ذلك، تتخذ الأجهزة الحكومية والمستشفيات وغيرها من المؤسسات الإجراءات الاحترازية الملائمة للتعامل مع الزلازل. على سبيل المثال، تُجرى في المستشفيات عمليات تدريبية تُعرف بالمحاكاة للتأكد من جاهزية الكادر الطبي للتعامل مع حالات الكوارث.
- هل هناك طرق متخذة للتعامل مع عواقب حدوث الزلزال؟
في حالة حدوث زلزال، تتبنى الأجهزة المختصة مجموعة من الإجراءات والتدابير للتعامل مع العواقب الناجمة عنه، يعتبر التحضير والاستعداد لمثل هذه الكوارث أمرًا بالغ الأهمية، حيث يتطلب التعامل معها وجود استعدادات كافية من حيث الكوادر البشرية والتكنولوجيا. تتضمن هذه الاستعدادات وجود أنظمة متخصصة وتعليمات وإجراءات روتينية، بما في ذلك التدريب على التعامل مع حالات الطوارئ في الأجهزة المختصة.
بعد ذلك، يلعب المواطن دورًا هامًا في تثقيف نفسه والتعرف على المنطقة التي يعيش فيها ومدى عرضتها لحدوث الزلازل، وكذلك المعرفة بالإجراءات المتخذة في حالة وقوع زلزال. على سبيل المثال، في حالة وجود زلزال داخل المبنى، يختلف تصرف الشخص داخل المبنى عن تصرفه خارج المبنى. ففي الداخل، يجب أن يحتمي تحت أي مكان يوفر حماية من سقوط الأشياء، بينما يجب تجهيز المنزل بحيث لا تكون الأشياء موضوعة عشوائيًا به، حيث يمكن أن يؤثر أي اهتزاز بسيط على السلامة.
- ما هي المناطق التي تعرضت للزلازل في المملكة وطرق توثيقها؟
توجد عدة طرق لتوثيق الزلازل في المملكة، الطريقة الأولى هي الشهادات البشرية، إذ يتم توثيق تجارب الأشخاص الذين شعروا بالهزات الأرضية في قرى ومناطق معينة في العصور القديمة، عندما لم تكن هناك محطات رصد.
الطريقة الثانية هي الطريقة العلمية المعتمدة على محطات رصد الزلازل في المملكة، والتي تعتبر حديثة نسبيًا. تم تسجيل زلازل في المملكة بقوة تتراوح بين 5 وأقل، ولكن يعتبر الزلزال الذي يصل قوته إلى 3 وما فوق هو الذي يمكن للإنسان أن يشعر به، بينما قد تشعر به المخلوقات الأخرى.
وهناك تقارير تاريخية تشير إلى حدوث زلازل في مكة أدت إلى أضرار بسيطة في الكعبة، وكذلك في المنطقة الشرقية، ولكنها زلازل محدودة وليست هناك أدلة علمية قوية بشأنها. يتم قياس الزلازل بواسطة مقياس ريختر الذي يقيس قوة الزلزال، وهناك أيضًا قياس للأضرار التي تحدث نتيجة الزلزال، ولكن هذه الأمور نسبية وتتفاوت وتعتمد على البنية التحتية ومدى تأثيرها على الإنسان.
- كيف يمكن لعوامل التطوير والتقنيات المساهمة في تقليل آثار الزلازل؟
كما ذكرنا سابقًا، فإن عملية دراسة الزلازل تستمر وتتطور باستمرار، يستند المجتمع العلمي إلى الخبرات السابقة ويقوم بتحديث النماذج والتقنيات المستخدمة. مع تطور الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي، فقد جرى فتح آفاق واسعة لفهم الزلازل ودراستها، وحتى محاولة التنبؤ بها على الرغم من قدرتها المحدودة على الدقة.
تساهم هذه التطورات في اتخاذ قرارات حاسمة، سواء في تطوير البنية التحتية أو غيرها من الجوانب. كما يتم أيضًا البحث في أسباب حدوث الزلازل، مثل فهم تركيبة القشرة الأرضية ومناطق العرضة للزلازل، وتحديث النماذج المستخدمة من خلال المحاكاة بواسطة الحواسيب. كل هذه التطورات تساهم في فهم أسباب الزلازل وكيفية التعامل معها.
- ما هي الإجراءات التي يجب اتخاذها من قبل السكان في حال وقوع زلزال؟
قد يحدث الزلزال في أي وقت ويعتمد مكان تواجد الشخص، يجب على الجميع أن يكونوا على دراية بظاهرة الزلازل والمخاطر المصاحبة لها. قد يتواجد شخص في منطقة آمنة لا تتعرض للزلازل، ولكنه قد يكون مسافرًا في بلد آخر ويحدث زلزال هناك.
لذلك، من الضروري أن يكون الجميع على دراية بظاهرة الزلزال وأهم طرق التعامل معه، إذا وقع الزلزال في مبنى، يُنصح بعدم مغادرة المبنى والاختباء في مكان يحمي من سقوط الأشياء، أما إذا كنت في الخارج، فيُفضل تجنب الدخول إلى المباني والتوجه إلى المناطق العامة، إذا كنت تستقل السيارة، يُفضل توقيف السيارة وتجنب الدخول إلى الأنفاق وما شابه ذلك.
- هل يوجد تعاون دولي أو إقليمي في مجال دراسة الزلازل؟
الزلازل هي ظواهر تستدعي تعاونًا واسعًا على المستوى العالمي، والجميل في هذا التعاون أنه يتخطى حدود الدول. تتوفر البيانات وتتم مشاركتها، بالإضافة إلى نماذج الحوادث الزلزالية وغيرها من المعلومات. يتم تحقيق هذا التبادل بدون تنافس تجاري، إذ يتم التركيز على العمل المشترك لتعزيز فهمنا للزلازل وتطوير الإجراءات الوقائية والتحذيرية.
- حدثنا عن دوركم ومهامكم في المرصد العلمي لرصد الزلازل
نود التوضيح أن المرصد السعودي موجود في الهيئة السعودية للمساحة والجيولوجيا، وحاليًا في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، ومع ذلك، ليس لدينا مرصد خاص بنا بل لدينا محطة لرصد الزلازل، يتم رصد الزلازل التي تحدث في مناطق مختلفة بنشاط وتوثيقها وتحليلها.
- ما هي أسباب الزلزال الأخير في المغرب وما تأثيراته؟
يُعزى الزلزال الأخير في المغرب إلى حركة الصفائح الأرضية الرئيسية، تتداخل الصفائح الإفريقية والأوروبية - الآسيوية، وتوجد أيضًا الصفيحة الأمريكية الشمالية في الجانب الغربي. يحدث الزلزال نتيجة لحدوث صدع متحول بين صفيحتين تتحركان بشكل معاكس، مما يؤدي إلى تكوين صدع آخر وصدع عكسي.
يُعتبر صدع الأزور ومضيق جبل طارق المنطقة الرئيسية لحدوث هذا الصدع، حيث يمتد على مسافة تقدر بحوالي 1500 كيلومتر غرب البرتغال إلى جبل طارق، ينتج عن هذا الصدع الزلزال في المغرب وقد يؤثر على القشرة الأرضية في المنطقة.