عبدالله الغنام

@abdullaghannam

الدنيا لا تخلو من مصائب وفواجع وكوراث، وتلك من سنن الحياة، وما حدث خلال الأيام الماضية من زلزال في المغرب، وكذلـك ما وقع من إعصار (دانيال) المدمر في شرق ليبيا وخصوصا مدينة درنة والذي راحت ضحيتهما الآلاف من القتلى والجرحى والمفقودين، هي أحداث مؤلمة جدا على قلوب من وقعت عليهم تلك الكوارث الطبيعية المدمرة (رحم الله الموتى وشفى المصابين منهم) ونرجو إن شاء الله أنهم داخلون في ضمن الحديث الـنبوي الـشريف : «الـشهداء خمسة: المطعون والمبطون، والـغريق، وصاحب الهَدْمِ، والشهيد في سبيل الله» .

وفي هذه الأحداث والكوارث الجسام المؤلمة نحن نعلم يقنيا أن لله حكمة في كل شيء، قد نعلمها وقد لا نعلمها إلا بعد حين، ويدل على ذلـك على سبيل المثال القصص الثلاثة التي وردت في آخر سورة الكهف (السفينة والـغلام والكنز) فعند نهاية كل قصة عرفنا السبب والحكمة وراء كل حدث الذي كنا نظن أنه شر كله أو خطأ أو ظلم، ولابد من الإشارة إلى أنه لا يُشترط أن نعرف السبب والحكمة وراء كل مصيبة أو فاجعة أو كارثة، فالقاعدة الـعامة هـي في قولـه سبحانه وتعالـى: «وَلَنَبْلُوَنّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصّابِرِينَ» . والحقيقة أننا نتفاوت في الـقدرة علـى الـصبر خصوصا عند الصدمة الأولى إلا من وفقه الله لذلك.

- من سهولـة بمكان ونحن بعيدون عن الحدث والـفاجعة أن نتحدث عنها أو نصفها، وحتى حين نُذَكرهم بالصبر علـيها فنحن لا نعيش مرارتها! وكما قيل: من يده في النار، ليس كمن يده في الماء، وأن الخبر ليس كالمعاينة، ومع ما تنقله وسائل الإعلام وبشكل مباشر من مشاهد الدمار للمنازل والطرق والمنشآت والمركبات لعله لا يشكل إلا جزءاً يسيراً من المعاناة والآلام والحزن لتلك المناطق والمدن المنكوبة، ولـكننا نسأل الله لهم الصبر والسلوان، وأن يربط على قلوبهم، وقد جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : «ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيرًا وأوسع من الصبر» . وإن المتبصّر لـلـحوادث والـكوارث التاريخية يعلم أن البشر منذ وجودهم على هـذه الأرض وهم يصابون بفواجع متعددة ومختلـفة، وهذه الحوادث والـكوارث الـسابقة الـتي نسمع عنها عبر الـتاريخ الـبشري يكون فيها شيء من الـسلـوان لمن هـزتهم مصائب كبيرة وأحداث قاسية، وعلاوة على ذلـك، فقد يبين القرآن الكريم فضل الصبر وعظم منزلـته، وأنه لـيس كغيره من الصفات الحميدة لأن ه جامع لـها، وق د قال سبحانه وتعالى : «إنَمَا يُوَفَى الصَابِرُونَ أجْرَهُم بِغَيرٍ حِسابٍ» .

- ومن المؤكد أننا نقف مع أخوانا وأشقاءنا في المغرب ولـيبيا بكل ما نستطيع بذلـه من مساعدات بشتى الـطرق والـوسائل وعن طريق الـقنوات الرسمية، فقد جاء في الحديث النبوي:

«مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم

وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى لـه سائر الجسد بالسهر والحمى» ، وقد قامت المملـكة العربية الـسعودية بتسيير جسر جوي لتقديم المساعدات الإغاثية المتنوعة، للتخفيف من آثار الـزلـزال علـى الـشعب المغربي الشقيق عن طريق مركز الملـك سلمان لـلإغاثة والأعمال الإنسانية، وفي وقت سابق ونقلا عن (واس :(«أعربت وزارة الخارجية عن تعازي وتضامن المملكة الـعربية الـسعودية مع لـيبيا وشعبها الـشقيق، في ضحايا الـفيضانات الـتي وقعت في مدينة درنة الـلـيبية، وعبّرت الوزارة عن تعازيها لأسر وأقارب المتوفين، وخالص تمنياتها بالنجاة للمفقودين، وبالشفاء العاجل للمصابين» .

- صحيح أن المصاب جلل والمشاهد مؤلمة، وهي شديدة الـوقع على عقولهم وقلوبهم، ولكن المصائب والكوارث جزء لا يتجزأ من أحداث وسنن الحياة، وقد لا يصل المرء إلى منزلة رفيعة إلا بها!