في بيت الشيخ عبداللطيف الملا تخلصت الأحساء، من قبضة الأتراك بعدما بايع أهلها الملك عبدالعزيز وفسخوا بيعة العثمانيين.
بيت الملا، كان شاهدًا على حقبة مفصلية وتاريخية في الأحساء، كإحدى مكونات السعودية، واستقلال أهلها بقرارهم بعيدا عن السيطرة الخارجية.
قال أستاذ ورئيس قسم الشريعة بجامعة الملك فيصل بالأحساء د. عبد الإله بن محمد الملا، إن بيت الشيخ عبد اللطيف الملا يقع في فريق الرويضة وسط حي الكوت المشهور بالأحساء.
وأضاف في حديث خاص لـاليوم عن بيت الشيخ عبد اللطيف الملا وقصة البيعة مع المؤسس الملك عبد العزيز -يرحمه الله-: تأسس هذا البيت في أوائل القرن الثالث عشر الهجري، وأسسه الشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ عمر الملا المتوفى عام 1224هـ.
وكان ينتسب إلى أسرة الملا، تلك الأسرة العلمية المشهورة في الأحساء، والتي أخرجت مجموعة من العلماء والقضاة والمفتين على مر القرون الخمسة الماضية، وكان لها مواقف جليلة وعلاقات وطيدة مع أمراء وملوك السعودية في أدوارها الثلاثة.
فجر جديد في تاريخ المنطقة
تابع الملا: شهد هذا البيت حدثًا عظيمًا ومهمًا، وانبثق بين جدرانه فجر جديد في تاريخ المنطقة، تمثل ذلك في البيعة الشرعية التي تمت بين أهالي الأحساء والملك عبد العزيز وكان ذلك في ليلة الاثنين 28/5/1331هـ.
بيت البيعة - اليوم
الأحساء قبل ضمها
قال د. الملا: كانت بلاد الأحساء قبل ضمها إلى السعودية تمر بحالة سيئة، وكانت أشبه بالرجل المريض مرضًا مزمنًا، وكان أهالي الأحساء قاطبة ضاقوا ذرعًا بتصرفات العثمانيين، وسوء إدارتهم للبلاد، وحاميتهم الضعيفة أمنيًا، وفساد أمرائهم المالي، وعدم تطبيقهم شرع الله، وسيطرة حزب الاتحاد والترقي على الحكومة التركية، إلى غيرها من المساوئ العديدة.
وأضاف: الأمر الذي أدى في جملته إلى أن يعقد أعيان البلد وأهل الحل والعقد فيها اجتماعات عدة في مجلس بيت المفتي الشيخ عبد اللطيف الملا، تمخضت عن إرسال خطاب بتوقيعه إلى الملك عبد العزيز يطلب منه الحضور إلى الأحساء والتباحث معه في أمرها.
وفعلًا لبى الملك عبد العزيز الطلب بعد وصول الخطاب إليه، يرافقه 600 رجل، وسار إلى الأحساء متوجهًا إلى عاصمتها الإدارية في حي الكوت، ووصلها منتصف ليلة الاثنين 28/5/1331 هـ، وكان في استقباله خارج سور الكوت كل من الشيخ عبد الله ابن الشيخ عبداللطيف الملا، ومحمد بن أحمد الملا، وعبد الرحمن بن عبد الله الجغيمان.
أستاذ ورئيس قسم الشريعة بجامعة الملك فيصل بالأحساء د. عبد الإله بن محمد الملا - اليوم
فسخ بيعة الأتراك ومبايعة الملك عبد العزيز
أردف د. الملا: ثم سار عبد العزيز على رأس مجموعة من أصحابه مع مستقبليه نحو فتحة أُعدت لدخوله للكوت من سورها الغربي مما يلي مسجد العمير القريب من سوق الأسماك حاليًا، واتجهوا مباشرة إلى منزل المفتي الشيخ عبد اللطيف الملا، حيث كان في استقباله فضيلة المفتي.
وما إن دخل مجلس الشيخ حتى احتضنه الشيخ قائلًا: مرحبًا بابن جاء لأبيه، فرحب به الشيخ عبد اللطيف وبمن معه من الأمراء.
وبعد تبادل عبارات التحية، بعث فضيلة المفتي إلى سائر وجهاء حي الكوت يدعوهم للاجتماع في منزله، فحضروا يتقدمهم الشيخ محمد بن عبد اللطيف آل عرفج الملقب بالشايب، وبعد مناقشات شاملة ومستفيضة فيما سيؤول إليه مصير البلاد، اتفق أهل الحل والعقد على فسخ بيعة الأتراك، ومبايعة الملك عبد العزيز.
وفي هذه الأثناء تمكن أتباع الملك عبد العزيز من الوجود داخل الكوت، فأعطى الإذن لأحدهم بالصعود فوق السور والمناداة بأن الملك لله ثم لعبد العزيز، وكان ذلك في الفجر.
الملا يشير إلى أحد المواقع داخل بيت البيعة - اليوم
غرفة الملك عبد العزيز
قال د الملا: بيت الشيخ عبداللطيف الملا قُسم بعد وفاته على ابنيه الشيخ عبد الله والشيخ أحمد، وصارت الغرفة التي بات فيها الملك عبد العزيز في نصيب الشيخ أحمد.
واشترت الحكومة في الوقت الحالي البيت من ورثة الشيخ أحمد الملا بعد وفاته، وجرى ترميمه، وجعلته متحفًا لزوار المنطقة، ووضعت صورًا للخطابات المتبادلة بين الشيخ عبد اللطيف الملا مع الملك عبد العزيز فيه، وتوجد فيه الغرفة التي نام فيها الملك عبد العزيز ليلة دخوله الأحساء، ومقتنيات أثرية.