متعب القحطاني يكتب :

- أتذكّر قديمًا، في السبعينيات والثمانينيات الميلادية، كنا في المنطقة الشرقية نستمتع بمشاهدة بعض القنوات الخليجية القريبة منا باستخدام الهوائي، أو كما كنا نسميه «الأنتل»، وكنا حينها نترقب أعيادهم ومناسباتهم الرسمية لنستمتع بمشاهدة «الأوبريتات» والأغاني الوطنية، وخصوصًا حفلات شادي الخليج وسناء الخراز في التلفزيون الكويتي، بينما كان صوت التشدد الديني هو الأعلى لدينا، حتى سمعنا من ينادي بتحريم ترديد النشيد الوطني في المدارس آنذاك، وكان من مظاهر «الخصومة المفتعلة بين الدين والوطنية»، التلبيس على الناس بأن الاعتزاز بالانتماء الوطني يتعارض مع جوهر الدين والخطاب الأممي، كما أتذكر أيضًا، أن الكثيرين من أبناء المملكة حين يسافرون للخارج كانوا يترددون في إجابة السؤال التقليدي «من أين أنت؟». وذلك لسببين إما لجهل العالم بهذا البلد وموقعه الجغرافي.

- وإما خوفًا من الصورة التي رُسمت عن السعوديين بأنهم إرهابيون، نتيجة لما قام به -للأسف- بعض أبنائها ممن غُرر بهم، أو بسبب حملات التشويه الممنهجة ضد المملكة.

حتى بزغ نور الرؤية، فجاءت مرتكزةً على ثلاثة محاور: المجتمع الحيوي، والاقتصاد المزدهر، والوطن الطموح، ثم جاءت ساعة الحقيقة، في تصريح قائد التغيير وعرّاب الرؤية، سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حين قال: «لن نضيّع 30 سنة من حياتنا في التعامل مع أي أفكار متطرفة»، وأضاف: «نريد أن نعيش حياة طبيعية تترجم مبادئ ديننا السمح وعاداتنا وتقاليدنا الطيبة، ونتعايش مع العالم ونساهم في تنمية وطننا والعالم»، وهنا كانت نقطة التحول، فالرؤية في جوهرها تعتمد على الإنسان السعودي وتمكينه، فهو سرُّ قوتها ونجاحها وتحقيقها بإذن الله.

- خلال السنوات الماضية، ومنذ إعلان رؤية 2030، وبدء العمل الجاد لتحقيق مستهدفاتها، تحولت المملكة إلى ورشة عمل ضخمة، بل أصبحت كما وصفها الأمير محمد بن سلمان في لقائه الأخير مع قناة فوكس الأمريكية بأنها «أكبر قصة نجاح في القرن الواحد والعشرين».

وبدأت المملكة تأخذ مكانها المستحق بين الدول الكبرى وأقوى الاقتصادات، وأصبحت حديث الساعة، ومحط أنظار الناس حول العالم، وصارت مضرب المثل في مكافحة الفساد والإرهاب والمشاريع التنموية الضخمة والمبادرات العالمية.

- والأجمل في هذا كله، هو ترسيخ الانتماء لدى كل سعودي وسعودية لهذا الوطن العظيم، حتى صار الواحد منهم يفاخر بسعوديته أينما كان، مؤمنًا برؤية 2030، ومتَّكئًا على كل تلك النجاحات الكبرى التي تحققت حتى الآن، والسمعة الطيبة التي تتمتع بها المملكة عند شعوب العالم.

وجاء اعتماد المناسبات الوطنية ليعزز هذا الانتماء ويرسّخه، وخصوصًا في نفوس أطفالنا وشبابنا، من خلال الفعاليات الاحتفالية في المدارس والميادين والبرامج التلفزيونية.

هناك الكثير ممن يحبون قراءة التاريخ، وهناك القليل الذين فكروا في كتابة التاريخ، أما الأمير محمد بن سلمان فقد بدأ بالفعل كتابة أهم فصول التاريخ وأعظم قصص النجاح في القرن الواحد والعشرين. فنحن السعوديّون لم نعد نحلم فقط، بل «نحلم ونحقق».

MetebQ@