د. شلاش الضبعان يكتب:

- أعتقد أن لدينا مشكلة تتمثل في تزايد المعجبين بأنفسهم وتستحق المعالجة، فلا يكاد يغيبُ عنك في مجلس من يتحدث عن نفسه بإعجاب، ولا تكاد تقرأ شعراً لشاعر إلا وتجد «أنا وأنا»، والإعجاب بالنفس آفة مدمرة لكل جانب من جوانب الحياة، اجتماعياً و وظيفياً وعلى مستوى المشروع، فلا تجد معجباً بنفسه ناجحاً ولو ظن ذلك.

- بل إن الناجحين دنيوياً وأخروياً هم الأكثر انتقاداً لأنفسهم وتصحيحاً لمسيرتهم.. مما يروى عن نبي الله عيسى عليه السلام قوله: يا معشر الحواريين كم من سراجٍ قد أطفأته الريح، وكم من عابدٍ قد أفسده العُجب.

- تذكرت وضع المعجبين بأنفسهم وأنا أقرأ قصة ذكرها شهاب الدين النويري في نهاية الأرب في فنون الأدب وقد جاء فيها: ادّعى رجل النبوّة، فطُلب ودعي له بالسيف والنّطع؛ فقال: ما تصنعون؟ قالوا: نقتلك، قال: ولم تقتلوننى؟ قالوا: لأنك ادّعيت النبوّة. قال: فلست أدّعيها، قيل له: فأيّ شيء أنت؟ قال: أنا صدّيق، فدُعي له بالسياط؛ فقال: لم تضربوننى؟، قالوا: لادّعائك أنك صدّيق؛ قال: لا أدّعى ذلك. قالوا: فمن أنت؟ قال: من التابعين لهم بإحسان، فدُعي له بالدّرة، قال: ولم ذلك؟ قالوا: لادّعائك ما ليس فيك؛ فقال: ويحكم! أدخل إليكم وأنا نبىّ تريدون أن تحطّونى في ساعة واحدة الى مرتبة العوامّ! لا أقلّ من أن تصبروا علىّ الى غدٍ حتى أصير لكم ما شئتم.

- أخاف على المعجبين بأنفسهم أن يتزايد بهم المرض حتى يصلوا لهذه الحال ثم يبدأون بالتنازلات، فاليوم يأتيك من لا يحفظ قصار السور ومع ذلك يفتي في علوم الشريعة ويناقش أقوال العلماء، ويأتيك الطالب المبتدئ فيقيّم أساتذته، فيحرم نفسه الاستفادة والتقدم، ويأتيك من لا يحمل المؤهل العلمي ولا الحصيلة العلمية المناسبة ويرى أنه أفهم الناس، بل ويرى أنه من الناجحين المحاربين، وأن المجتمع لا يتقبل رأيه ولا يحترمه.

- الإعجاب بالنفس ليس ثقة بالنفس بل هو رضا بحالها، وبالتالي يتوقف صاحبه مكانه ولا يتقدم، بل ويتردى فيحتقر كل رأي غير رأيه، وهذا هو الهلاك، يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم” ثلاثٌ منجيات، وثلاثٌ مهلكات، فأما المنجيات: فتقوى الله في السر والعلانية، والقول بالحق في الرضا والسخط، والقصد في الغنى والفقر، وأما المهلكات: فشحٌ مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه « ويقول الماوردي رحمه الله: إن العُجب سيئة تحبط كل حسنة، ومذمة تهدم كل فضيلة، مع ما يثيره من حنق، ويكسبه من حقد.

- لا تظلم نفسك بإعجابك بها.