سعود القصيبي

@SaudAlgosaibi

- الجرهاء هي مدينة تاريخية أشبه بالأسطورة زارها ملاحو اليونان كما تحدث عنها المؤرخون والباحثون. الا ان ما يريب هو اختفاءها بالكامل فلا احد يعلم اين هي؟ وتلك المدينة هي كما تلك الأسطورة من جزيرة أتلانتس التي سبقت زمنها و غرقت بالمياه واختفت من التاريخ, فلا أحد يعرف مكانها ولم يعثر عليها حتى الآن. ولم تخلف لنا تلك المدينة «الجرهاء « الا الاساطير وعن قصص من ثراء فاحش وتجارة ومن نصوص تاريخية قليلة عنها. ومن الاجتهادات عن موقعها ان كلما عثر على موقع أثري كبير اشير بالأصابع لها .كما ان مصادرنا العربية لم تذكر عن تلك المدن شيء إلا ما ذكر عنها من الآخرين ونقلا عنهم.

- ولا زلنا في اخذ وعطاء وبحث حتى هذه اللحظة وما نسمع عن مواقعها هو كلة اجتهاد فلا دليل او من مكتشفات واضحة دلت على مواقع تلك المدينتين سواء الساحلة او الداخلة التي أشار لها الرواة , وما يذكره الباحثون هو من قبيل القول بالرأي والاجتهاد. كما ان هناك جدل بين المعاصرين من علماء الآثار والمؤرخين حول تحديد موقعها. فالآثاريون اختاروا ان تكون ثاج هي الجرهاء, بينما يأتي المؤرخون بنفي ذلك ويأتون بتحديد مواضع بحرية لها محتملة ولكل أدلته واجتهاداته.

- وللإيضاح عن تلك المدينة الأسطورية يجب ان نعرف عن الجرهاء وما ذكر عنها. فعندما شن الالكزندر المقدوني حملتة الشهيرة ضد دولة فارس الاخمينية نحو 334 ق. م. ردا على هجوم سابق قاموا به على اليونان, استطاع الاسكندر بسنوات قليلة احتلال أجزاء كثيرة من العالم القديم ومنها مصر ولبنان وفلسطين والعراق وأطاح بفارس الى ان وصل بحملته العسكرية إلى شمال الهند محتلا أجزاء منها. ثم قرر اكمالا لتلك الحملة احتلال المدن القديمة المعروفة في الساحل الشرقي من الخليج العربي والتي اشتهرت بثراها. فأرسل من الهند ومن بابل عددا من البعثات البحرية الاستطلاعية تمهيدا لتلك الحملة. وصلت تلك البعثات إلى جزيرتي فيلكا والتي تتبع الكويت اليوم ثم جزيرة ديلمون مما هي بالبحرين اليوم وكذلك الساحل المقابل لها مما هو اليوم بالمنطقة الشرقية. ثم توفي الاسكندر وانتهت على اثرها مغامراته الحربية ولم يشن حملته العسكرية التي استعد لها بمئات من السفن في بابل ومن تهيئة مواقع المياه لرسو تلك السفن.

وعن مدينة الجرهاء, لم يستطع أحد ان يؤكد اسمها الحقيقي فالجرهاء مصطلح عربي متأخر منقول عن كتب الإغريق والرومان. وهي لمدينة مندثرة ظهرت في القرن السابع ق. م. وازدهرت إلى القرن الثالث ق. م. اشتهرت كما قلنا سابقا بثراها وكانت مركزا هاما للتجارة في العالم القديم تأتيها البضائع من اليمن والهند وعمان. كما شغلت الجرهاء المؤرخين الإغريق الذين و خصصوا جزء من كتاباتهم عن جزيرة العرب عنها.

- وللمزيد عن الجرهاء لايضاج ثراها ذكر المؤرخ الإغريقي بوليبيوس قصة وصول أحد القادة إلى المدينة, ومن ثم حصوله على جزية باهظة من المعادن النفيسة, مقابل الكف عن الاعتداء على المدينة. ويورد بوليبيوس بأن الجرهائيون «توسلوا إلى الملك ألا يحرمهم من النعم التي منحتهم إياها الآلهة وهي السلام الدائم والحرية».

كما يذكر المؤرخ سترابون عن الجرهائيون بأنه «بسبب تجارتهم أصبح السبئيين والجرهائيين أغناهم جميعهم ويقصد سكان الجزيرة العربية ويصفهم بأنهم «يقتنون الرياش الفاخرة, ويمتلكون آنية الذهب والفضة, والأحجار الكريمة». كما ينقل المؤرخ الإغريقي ديودور الصقلي عن ما سبقة من المؤرخين «اتضح مما تركه السبئيون و الجرهائيون أنهم كانوا من أغنى الولايات جميعاً, فقد كانت لديهم معدات وأدوات كثيرة من الذهب والفضة والأسرة والأوعية, فضلاً عن أواني الشرب, والمنازل الباهظة التكاليف, والمطاعم أبوابها وأسقفها بالعاج والذهب والفضة» والبقية تتبع...