محمد عبدالعزيز الصفيانيكتب :@alsyfean

يُعتبر الحلف أو اليمين أمام المحاكم والقضاء أمرًا مهمًا للكشف عن الحقيقة لإرساء قيم العدالة في الأرض، وهي بمثابة السيف الفاصل في الكثير من القضايا نظرا لعظمتها. ومع ذلك، يحدث في بعض الأحيان أن يقوم البعض بالحلف كذباً، وهو فعل يخالف أخلاقنا ويجرمه ديننا الحنيف، وما يؤسف له أن من يرتكب هذا الإثم يقصد من ورائه تحقيق مصلحة شخصية ليظلم آخرين. لقد أمرنا الله سبحانه وتعالى في محكم آياته بأن نلتزم بالحق ونتجنب الكذب، فما هي الدوافع التي تدفع هؤلاء الأشخاص للكذب؟

- عندما يشهد شخص بالكذب بواقعة معينة كذباً، يعرض نفسه لعقوبة الله تعالى في الدنيا قبل الآخرة، كما يوقع الظلم بآخرين مما قد يعرض سمعتهم ووضعهم الاجتماعي للتشويه، بالإضافة إلى ذلك يؤثر الحلف الكاذب بالسلب في ثقة الناس ببعضهم البعض، مما ينتج عنه تدني الثقة العامة في المجتمع. في العديد من القضايا، يقوم بعض الناس بالاحتيال على المحكمة بالشهادة زوراً، وهي الشهادة كذباً، حيث يقسمون بالله على صحة ما يشهدون به، في حين أنهم على علم تام بأنهم يكذبون ويعمدون إلى تضليل المحكمة لغرض دنيوي ليس إلا.

- للتصدي لليمين الكاذبة، ومن أجل الحرص على تحقيق العدالة وسط المجتمع، فقد أعطت الأنظمة المختصة القضاء السلطة بتوقيع عقوبات تعزيرية على كل من يثبت أمامها أداءه اليمين كذباً، هذا وتلعب وسائل الإعلام دورًا مهماً وحيويًا في تثقيف وتوعية المجتمع بخطورة أداء اليمين كذباً، كما ينبغي ويجدر بها التعريف بأنواع اليمين أمام القضاء وهما اليمين الحاسمة: وهي التي يؤديها المدعى عليه لدفع الدعوى ويجوز ردها على المدعي، واليمين المتممة: وهي التي يؤديها المدعي لإتمام البينة، ولا يجوز ردها على المدعى عليه؛ وذلك حسب ما جاء تعريفهما في المادة الثانية والتسعون من نظام الإثبات، وعليه يمكن للإعلام أن يلعب دورًا هامًا في زيادة الوعي العام بخطورة هذه السلوكيات والأثار المترتبة عليها.

ختامًا:

يجب أن تكون اليمين أمام المحاكم صحيحة حتى تؤدي لتحقيق العدالة التي هي مقصد القضاء ولجان الصلح سواء رسمياً أو عرفياً وسط المجتمع، فالعمل بالسلوك القويم في هذا الشأن يعد من القواعد الأساسية لأي مجتمع مزدهر، ومن الضروري أن ندرك الخطر الذي تشكله اليمين الغموس، وخاصة على ظلم الأبرياء والتزامنا كأفراد بأن نتجنبه مخافةً من الله عز وجل، ولإرساء قواعد العدالة حتى تستقر المعاملات، كما يجب أن نعمل جميعًا على تعزيز قيم العدالة والصدق في مجتمعاتنا ونتذكر دومًا أن الله غفور رحيم ولكنه شديد العقاب.