نادية العتيبي

@Nadia_Al_Otaibi

- كان تشنجاً عضليا ثقيلا صاحبه ألم شديد في الصدر وألم في رأسي خلف الأذنين، للحظات ظننت بأنني سأموت، شعرت بأنني ابتلعت قلبي وعلق في حنجرتي ! تنفست الصعداء وفاضت دموعي بحرارة و لم أنبس ببنت شفة ! إنما استلقيت محاولا النوم والراحة، نمت طويلا كشيء ملقى بثقله دونما مقاومة، لم يكن لدي طاقة لأتقلب ! نمت فقط، استيقت بعد ذلك ولعلي وجدتني قد تمالكت نفسي وهدأت وذهب شيء مما أجد ! عدا أن حنجرتي أصبحت تؤلمني و صوتي صار مبحوحا لايكاد يسمع ! كأنني صرخت وتحدثت دونما سكوت ! لكني أكاد أقسم إنني لم أفتح فمي حتى لأتنفس، مابالك الصراخ والحديث ! لازالت في دوامة و ضجيج في رأسي يستنكر كل ما يحدث لي !

باشرت عملي وكعادة الصديق المقرب الذي يحاول أن يفرغ جعبتك مما فيها، ضل صديقي يتسائل عما بي فهو يزعم أنني شاحب الوجه و صامت، و أنا لا أرى نفسي إلا ناج من ليلة الأمس! نصحني أن أرى الطبيب لعلي أرتاح بقية اليوم في المنزل، لم أخالف وذهبت، قابلني الطبيب و بعد حوار طويل خلص إلى أنني أعاني من إجهاد نفسي ناتج عن حزن و تراكم لمشاعر سلبية أو غضب أو مواقف قاسية عانيت منها! ضحكت بصوت عال! وقلت انا!! أخذتني العزة بشخصي، فأنا شخص مرح و أحب الحياة، لم أناقشه كثيرا، خرجت من عنده وصوت عباراته يتردد في ذهني.

- هذه الحياة مليئة بالمواقف الصعبة والأزمات، يحاول الإنسان أن يتخطاها ويسيطر على الحزن الذي يشعر به او ينكر وجوده، لكن في كثير من الأحيان لايقدرعلى عبورها، فيغلب عليه الحزن الصامت الذي يجعله غير متقبل للحياة ولا من فيها، لأن هذا الحزن قادر على تحويل حياة الإنسان إلى حياة بلا معنى، يسرق منه لحظات الفرح ويفقده قيمتها ليغرق فيه حتى يعتاد عليه ويصبح تائهاً في كونِ مظلم وينسى أن في الحياة أشياء كثيرة يمكن أن تسعده إذا استسلم له! إن قدرة الحزن على التسلل والتغلغل داخل الوجدان عجيبة!

- إن أغلب أحمال البشر تكون من تكلّفهم ما لا يحسنون صنعه، أو وضعهم للشيء في غير موضعه الذي يجب أن يكون فيه، أو أن ينزلوا الناس منازل غير منازلهم التي يستحقونها، الحزن يسلبك شعورك واتصالك بالواقع والحاضر الذي انت فيه، يأخذك حيث يضيق عليك الخناق، فترى أثره من استغاثة جسدك الذي يبدأ بالتداعي والمرض والفتور وقد يصل بك إلى النوبات القلبية والإنهيارات العصبية الشديدة وضعف المناعة إضافة لمشاكل النوم و فقدان الشهية أو زيادتها حتى سلوكياتك! ستجد نفسك في منأى عن الناس تتجنب الأنشطة الاجتماعية وتنسحب من علاقاتك معهم بدون سبب!

- إن قرار( أن لاتحزن ) لهو قرار صعب وليس بالهين، خذ حقك منه حتى تهدأ و تقنع بشرط أن تؤمن يقينا أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك لولا مشيئة الله سبحانه وتعالى وأنك مُثاب ومأجور على كل ذلك وأن ذلك ماهو إلا مرحلة و ستمضي كما مضت السنون السابقات على كل البشر وبأنك لست وحدك و تستطيع دائما أن تجد العون والمساعدة.

- قرار التسليم بالقضاء والقدر مُريح بشكل لا يتخيله العقل، فهو يرخي حبال تعلقك بكل ماهو فانٍ ويجعل صدرك رحباً ومتقبلا للتعلم، متطلعا لما بعد هذه المرحلة من خير وسعادة قادمة، عامل الناس بما تجده منهم من ود وتقدير، لاتبحث في النوايا ولاتسبر الأغوار، فهي ليست حاجتك، لك مايظهرونه معك والبواطن مُلك للخالق، استودع الله قلبك وامض في حياتك فإنه لاتضيع ودائعه.