- حينما توفي الأحد الماضي بوبي تشارلتون المتوج مع إنجلترا بلقب يتيم لمونديال كاس العالم 1966، كتبت الصحافة البريطانية إن جزء من أنجلترا قد رحل مع أسطورة كرة القدم الانجليزية وأشهر لاعبيها على الإطلاق.
- لكني أرى جزءاً مهماً من بريطانيا فعلاً هذا الأسبوع حينما أعلنت صحيفة الجارديان طرد رسام الكاريكاتير ستيف بيل بعد عمله لمدة 40 عامًا في الصحيفة بسبب رسمة لرئيس وزراء سلطات الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يظهر فيه مجرم الحرب نتنياهو مرتدياً قفازي ملاكمة وهو يجري عملية جراحية لنفسه على بطنه تأخذ شكل خريطة قطاع غزة مع عبارة «سكان غزة .. غادروا حالًا».
- وفي حين ظلت الجارديان مضرباً للمثل في تفوق الصحافة البريطانية وأكثرها استقلالية ومهنية، إلا أنها تجردت من إرثها الإعلامي الكبير فجأة لتطرد أحد أبنائها المخلصين بتهمة معادات السامية.
- ليس هذا فحسب، في تفاصيل الطرد أن الصحيفة وبعد أربع ساعات من إرسال الرسمة اتصلت بستيف لتقول له: «رجل يهودي، رطل من اللحم، صورة مجازية معادية للسامية»، في إشارة إلى أحداث مسرحية الأديب البريطاني شكسبير «تاجر البندقية» التي تروي قصة مقرض المال اليهودي شيلوك، أحد أكثر الصور النمطية اليهودية شهرة في الأدب الإنجليزي بسبب طبيعته الجشعة، إذ يطلب شايلوك رطلًا من لحم أنطونيو إذا لم يتم سداد القرض في غضون ثلاثة أشهر.
- وكأن الإنحياز العالمي الفج مع اسرائيل بلغ ذروته مع أحداث غزة الأخيرة، وجعل من بريطانيا العظمي تضحي باثنين من مقدساتها، الصحافة، وأدب شكسبير.