لمي الغلاييني

@LamaAlghalayini

- يعود معظم القلق الذي نعانيه حياتنا لأساليبنا الغير فعالة في التفكير، فحين نقلق نصبح مهووسون بالتوقعات المخيفة و نبتعد عن المحاكمة المنطقية للأمور، والقلق مشاعر طبيعية يمر بها كل شخص خاصة عندما تكون الظروف مُرهقة، أو متوترة، و لكن عندما يصبح مزمنا ويبدأ في عرقلة الأداء اليومي، فحينها يعتبر اضطراباً مرضياً، فهو نتيجة لعدم المقدرة على التعامل مع الظروف المجهدة، بسبب المبالغة في التفكير بأمر ما بعمق كبير ولوقت طويل، ورغم اعتقادك بأنك تفكر بعمق وشمولية و بأنك توصلت إلى الاستنتاج الأصوب لكن العكس هو الذي يحدث، فأنت تقفز لسيناريو الحالة الأسوأ، وتقيد استجابتك في خيارين محدودين، بين اضرب أو اهرب فقط.

- سيناريو الحالة الأسوأ قد جعلك تشعر بالتهديد، وجعل جسمك يستجيب للوضع كتهديد مباشر، وإلى أن تهزم الفكرة أو تتجاوزها سيستمر جسمك في حالة التأهب و التوتر للدفاع عنك من الخطر الواهم، ويمكنك اكتشاف حجم مبالغتك في تضخيم اعتقاداتك المقيدة أو وساوسك من خلال مقارنتها بموضوع لا يقلقك رغم خوف الآخرين منه، فقد لا تخاف مثلا من ركوب الطائرة رغم إنّ العديد من الناس يخافونه، أو أن تبقى عازبا وكثيرًا يخشون ذلك، أو لا يقلقك الالتزام بمشروع ما، وبكل تأكيد يمكنك التفكير في شيء واحد لا تخاف منه بالرغم من قلق المحيطين منه، وذلك بسبب عدم امتلاكك لاعتقادات مقيدة أو وساوس مرضية نحوه.

- تستطيع أن تتصوّر نفسك على متن طائرة دون أن تجزع، و أنك تعيش عازبًا سعيدًا، أو مستيقظا بحماس للاشراف على مشروعك، ويمكنك التفكير في سيناريوهاته بشمولية و منطقية، بدءًا من المشهد ثم الذروة وصولاً إلى النتيجة، فأنت تعرف ماذا ستفعل و لديك خطة، و لكن حين تواجه مواقفك الوسواسية فأنت تقفز فورا لتخيل الذروة المرعبة وتعتبرها النتيجة الوحيدة، ولأنك خائف، لا تُفكر نهائيا في بقية السيناريو، أو في كيفية تجاوز الموقف، وما الذي تفعله كاستجابة، ولا كيف ستمضي في حياتك بعد ذلك، لكنك لا تفعل لأنك تعتقد بأن لديه القدرة على أن يُنهيك و يجهز على حياتك، و لهذا فبداية العلاج تكون بإعادة عرض مُسببات التوتر في حياتك بطريقة آمنة وإيجاد سياق تفكير أكثر صحة وأكثر هدوءا.

- في البداية تُثبت لنفسك أنك ستكون دوما بخير، ولو حصل أمر مزعج و هذا لا يحدث في غالب الأوقات ، فأنت تتدرب على الإيمان بأن لديك القدرة على معالجته فيما لو حدث، وربما ليس لديك ذلك الإيمان بالنفس في بداية الأمر، فلا بأس فهو ليس أمرا يولد معك ؛ بل تبنيه ببطء، ومع مرور الوقت عن طريق الممارسة، ومن خلال معالجة المشاكل الصغيرة، ومن ثم تعلم آليات تأقلم صحيّة ومهارات التفكير المنطقية الفعالة، فهناك ملايين الأشياء المخيفة التي يمكن أن تحصل لنا في حياتنا، وهذا حقيقي بالنسبة للجميع، ولكن عندما نعلق بأمر مخيف و يتراكم المزيد منه، فهذا ليس لأنه تهديد وشيك أو محتمل بل لعدم اقتناعنا بأننا قادرين على معالجته، ولكي نشفى فنحن لسنا بحاجة إلى تجنبه، بل لاستنباط منطق يُتيح لنا رؤية الظروف على حقيقتها والاستجابة لها بالشكل الملائم.

- في كثير من الأحيان في الحياة، لا يأتي قلقنا الأكبر مما يحصل فعلاً، ولكن من خلال طريقة تفكيرنا فيما يحصل.