أكد المنتدى الدولي: الإعلام ودوره في تأجيج الكراهية والعنف: مخاطر التضليل والتحيز، أهمية الامتناع عن بث ونشر ما من شأنه المساس بحقوق الآخرين أو انتهاك خصوصياتهم، داعيًا إلى إيجاد قانون دولي موحد ينظم أخلاقيات العمل الإعلامي.
جاء ذلك خلال بيان ميثاق المسئولية الإعلامية الذي أصدره في ختام فعالياته.
وعقد المنتدى في مدينة جدة بحضور الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ د. محمد بن عبد الكريم العيسى، والمشرف العام على الإعلام الرسمي في دولة فلسطين الوزير أحمد عساف، ومشاركة عدد من الوزراء والقيادات الإعلامية الإسلامية والدولية، ونخبة من السفراء والشخصيات الدينية والفكرية والحقوقية وقادة المنظمات الدولية.
الإيمان بالكرامة الإنسانية
وينص ميثاق المسئولية الإعلامية على: الإيمان بالكرامة الإنسانية، والالتزام بالمثل الأخلاقية المشتركة، وصيانة حقوق الإنسان واحترامه أيًا كانت هويته الدينية والوطنية والإثنية أو غيرها ممن يتعين احترام وجودهم وحقهم في اختيار توجهاتهم المشروعة.
ومحاربة الظواهر السلبية والممارسات الخاطئة، والتصدي لدعوات نشر الرذيلة والانحلال الأخلاقي، وكل ما يضر بالمجتمعات، أو يتنافى مع الفطرة السوية والقيم الإنسانية الجامعة.
واحترام الرموز الدينية والوطنية للأمم والشعوب، والإصرار على أن الإساءة إلى المعتقدات والمقدسات الدينية لا تندرج ضمن حرية التعبير، بل هي استغلال غير أخلاقي لهذه القيمة النبيلة، ولا ينجم عنها سوى المزيد من استفزاز المشاعر وخلق العداوات وتأجيج التوترات.
الجلسات تضمنت دور الإعلام في مكافحة خطاب الكراهية والعنف - واس
ثقافة الاختلاف الواعي
ويدعو الميثاق إلى ترسيخ ثقافة الاختلاف الواعي، واحترام التنوع الثقافي والاجتماعي، والحفاظ على سلام المجتمعات، ووئام مكوناتها، وترسيخ تعايشها، وتطوير نهضتها، ومراعاة المعايير العلمية والموضوعية والأخلاقية في النقد والحوار.
وأكد البيان أن الإسلاموفوبيا وغيرها من الأفكار الكارهة والإقصائية أنموذجًا للعنصرية المقيتة التي تشيطن الآخر وتقصيه لضيقها بالتعدد، وعدم قدرتها على التفاعل معه، أو لسوء فهمها لانعزالها وغطرستها، فضلًا عن تأصل الكراهية في بعض النفوس، ما يدل على مستوى عزلتها الإنسانية والأخلاقية.
كما شدد على مكافحة دعوات العنف والكراهية والتمييز العنصري، والامتناع عن نشر المواد التي تغذي التطرف والإرهاب، أو تحرض عليهما، والعمل على محاربة كل ما يخل بأمن الأوطان والمجتمعات، أو يزرع الشقاق والاحتراب.
حجب محتويات العنف والكراهية
وشدد بيان الميثاق على حجب المحتويات ذوات الصلة بالعنف والكراهية، والحذر التام من أحادية الاتجاه، وانحيازية الضوابط، والاحتراز من نشر المواد الإعلامية المسيئة أو المهينة للأفراد والجماعات، وإدانة كافة صور التحقير والازدراء، واستخدام لغة مهذبة وراقية، تحفظ الكرامة، وتبين الحقيقة، وتضمن التعايش، وتحترم الجميع.
المنتدى شهد مشاركة عدد من الوزراء والقيادات الإعلامية الإسلامية والدولية - واس
والتعامل بحساسية ووعي مع الأحداث الكارثية والمأساوية، واستخدام المواد البصرية واللغوية بمهنية واحترافية، والحذر من الإساءة إلى الضحايا أو المتضررين والمنكوبين بنقل التفاصيل والصور الجارحة أو الصادمة.
وجاء فيه أن ممارسة العمل الإعلامي بحرية واستقلالية ذاتية، لا تخضع للضغوطات أو التأثيرات بجميع صورها وأشكالها، وتجنب استغلال النفوذ أو الصلاحية لخدمة المصالح الشخصية وتحقيق المكاسب الذاتية.
التحلي بالقيم الأخلاقية والاجتماعية
كما أكد الميثاق الالتزام بالمسؤولية الشخصية، والتحلي بالقيم الأخلاقية والاجتماعية، وعدم استخدام أساليب الخداع والابتزاز للوصول للخبر، والتحقق من صحته، وتوخي الحكمة في تغطيته، بما يسهم في تنوير الرأي العام وتوجيهه بتوازن واعتدال، والابتعاد عن أساليب المبالغة والتهويل، وتجنب الإثارة والتحريض على الكراهية والعنف.
ونوه باستشعار شرف المهنة القائم على الموضوعية والحيادية في تلقي الأخبار وعرضها، واعتبارهما التعبير الأمثل لبيان الحقيقة التي ينبغي أن تصل إلى الجمهور، من غير إقصاء أو انحياز أو تضليل.
الميثاق يدعو إلى احترام التنوع الثقافي والاجتماعي - واس
ونص البيان على الالتزام بالسبل المشروعة في الحصول على المعلومة، وتجنب الوسائل غير الأخلاقية التي تنتهك حقوق الآخرين أو تعتدي على خصوصياتهم.
بالإضافة إلى الاعتماد على الجهات الموثوقة ذات المصداقية في نقل الأخبار والتقارير، ومراعاة حقوق النشر عند الاقتباس منها، وتحري الصحة والدقة فيما يقدَّم أو يُنشر من مواد وتقارير إعلامية، والبعد عن الاختلاق والقرصنة والتزييف والتحريف ونشر الأخبار المضللة أو الشائعات.
توصيات المنتدى
ودعا المنتدى إلى جملة من التوصيات منها: إيجاد قانون دولي موحد ينظم أخلاقيات العمل الإعلامي، ويقر اللوائح المؤهلة للممارسة الإعلامية الواعية، وإيجاد قوانين وطنية ودولية رادعة لكل أشكال الكراهية، ومن ذلك تجريم المؤسسات والأفراد الإعلاميين المتورطين في جرائمها، ووضع قوائم رسمية بأسمائهم لعزلهم عن منظومة الإعلام النزيه، تنبيها على مخاطرهم على سلام عالمنا ووئام مجتمعاته الوطنية).
وأعلن المنتدى عن (جائزة وكالة الأنباء الإسلامية للمهنية الإعلامية)، تمنحها الوكالة للهيئات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية والأفراد الملتزمين بالقيم الإعلامية، وتوفير الحماية للمراسلين الإعلاميين، كذلك تجريم الاعتداء عليهم أو تقييد وصولهم إلى الأحداث ونقلهم لها بكل حرية.
كما أعلن الدعم الوطني والدولي لكل ما من شأنه الارتقاء بالرسالة الإعلامية، وإسهام محتواها في تعزيز الوعي بمختلف مفاهيمه ودلالاته، والارتقاء بالعملية الإعلامية لتصبح قوة ناعمة لخدمة القضايا الإنسانية، ومساندة الشعوب المظلومة، وحل النزاعات، وتعزيز التحالف الحضاري بين الأمم والشعوب في مواجهة مفاهيم الكراهية ونظريات حتمية الصراع والصدام الحضاري.
بالإضافة إلى إيجاد مراصد وطنية ودولية فاعلة، تستطلع وتستشعر إنذارات الكراهية وتعمل على تلافي مخاطرها.
ودعا كذلك إلى إقرار (ميثاق جدة للمسؤولية الإعلامية) من قبل المؤسسات الإعلامية الدولية، ليكون مصدرًا مرجعيًا ومستندًا قانونيًا في معرفة أخلاقيات العمل الإعلامي وضبط ممارسته، وبيان لوائحه.
بيان الميثاق دعا إلى حجب المحتويات ذوات الصلة بالعنف والكراهية - واس
الرقي بالمنظومة الإعلامية
وأصدر المنتدى بيانه إيمانًا بواجب الرقي بالمنظومة الإعلامية، وتعزيزًا لشرف الانتماء إلى المهنة، وتأكيدًا على المواثيق الصادرة من المنظمات الدولية والمؤسسات المهنية، وحرصًا على احترام حرية الرأي والتعبير في سياق مشروعيتها الحضارية الداعمة لسلام عالمنا ووئام مجتمعاته الوطنية.
كما يؤكد البيان حق الرأي العام في التعرف على الحقيقة، والوصول إلى المعلومة بوثائقها المقدمة بتجرد وحياد، لا بأطروحاتها المرتجلة والمضللة التي تطفف في شفافية معلوماتها وتدلس في وثائقها، واسترشادًا بالخبرات التي راكمتها التجارب الإعلامية في الوصول إلى دور مجتمعي حضاري مستنير.
وتحقيقًا لحاجة العصر في صياغة تحالف دولي لإحباط التضليل الإعلامي، وتحسينًا لأداء العمل الإعلامي وجودته وفق معايير وضوابط تمثل أخلاقيات الخطاب الإعلامي بأركانها وواجباتها.
ودعا المشاركون في المنتدى العالمي (الخطاب الإعلامي الدولي - خطورة التضليل والتحيز في تأجيج الكراهية والعنف) الإعلاميين كافة حول العالم إلى الالتزام بتلك الأخلاقيات التي تتفق عليها القيم الإعلامية ولا تختلف، بوصفها مشتركا مهنيا يؤمن به كل من استشعر المسؤولية الإعلامية، بعيدًا عن أي أهداف أخرى من شأنها أن تنحرف بالمسار الإعلامي عن رسالته النبيلة.