د. محمد حامد الغامدي

@DrAlghamdiMH

- مشروع إعادة تأهيل المدرجات في مناطقنا المطيرة جنوب غرب المملكة، مشروعا زراعياً وليس مائياً، مشروع لا يعطي لتنمية المياه الجوفية أي اعتبار، وليس له بها أي علاقة، هذا الأمر يثبت أن الزراعة تأخذ نصيب الاهتمام الأكبر على حساب المياه الجوفية في مناطقنا الجبلية المطيرة جنوب غرب المملكة. هنا يأتي السؤال: هل سيكون لسطوة الزراعة نهاية في وزارتها؟ هي تشكل ثالث المحاور بعد البيئة والمياه، مع هذا المشروع، المياه الجوفية المتجددة تخسر، رغم كونها الأهم، لا زراعة بدون ماء.

- اقترح البدء أولاً بمشاريع تغذية المياه الجوفية المتجددة فهي محور نجاح واستدامة أي زراعة.

- تحتل الزراعة المحور الأول في الاهتمام، وكانت سابقا كذلك،كنت أحسب أنها ستحتل المرتبة الثالثة في الاهتمام مع ترتيب وضع اسمها في اسم الوزارة الرسمي الأخير: «وزارة البيئة والمياه والزراعة»، درجة الأهمية تفرض ترتيب التسمية، العرب تبدأ بذكر الأهم، لا زراعة بدون بيئة حيّة ومياه مستدامة.

- من العجائب في مشروع إعادة تأهيل المدرجات الزراعية، انه مشروع انتقائي. لا يهمه أمر جميع المدرجات الزراعية. يتعامل فقط مع المدرجات التي يتقدم ملّاكها بطلب إعادة تأهيلاها زراعيا، البقية وهي الأكثر عددا متروكة للضياع والتهدم، أصحابها غير مهتمين لأسباب لا مجال لذكرها، هنا البيئة والأجيال تخسر وليس من يملكها.

- إن أمر المدرجات كمنظومة بناء تاريخي لصيد مياه الأمطار خارج تغطية مشروع إعادة تأهيل المدرجات. لماذا؟ الجواب يعود إلى الهدف الذي جعل المشروع لصالح من يتقدم بطلب خدمة زراعية وفق شروط قد لا يستطيع الجميع تلبيتها.

- ماذا عن مصير المدرجات التي لم يتقدم أهلها لطلب الخدمة؟ مصيرها الزوال هي وتربتها الأهم لندرتها في هذه الجبال. بتهدمها البيئة تخسر. بتهدمها المياه الجوفية تخسر، أيضا الزراعة على المدى الطويل تخسر، محصلة هذه الخسائر تفرض خسارة الإنسان لهذه المناطق المطيرة بسبب تصحرها في النهاية.

- ندرة المياه في بلدنا تفرض الحذر الشديد. وقفت على بعض إنجازات هذا المشروع وتساءلت عن الجدوى الاقتصادية من إعادة تأهيل المدرجات كمشروع زراعي؟ فجاء السؤال التالي.. ليس بهدف حلحلة صواميل التساؤلات المنطقية، وقد تيبّس عودها بفعل عوامل سمحت للزراعة باجتياح المياه الجوفية، واستنزافها كثقافة.. ولكن بهدف علمي بحت وهو : ما فائدة أن نتعلم شيء ثم نطبق شيء آخر ضد ما تعلمناه؟

- على ذلك التساؤل تطفو تساؤلات أخرى منها: لماذا يتم إعادة تأهيل المدرجات زراعيا في ظل غياب جدواها الاقتصادية؟ على سبيل المثال: بلغ سعر كيلوجرام «البن» أكثر من «400» ريال في مشروع تأهيل المدرجات لزراعة شجر البن. أتساءل بحسن نية ماذا يجري؟ أيضا هناك ميزة نسبية مفقودة.

- أدعو أن يكون مشروع إعادة تأهيل المدرجات موجه بشكل كامل وتلقائي إلى إنقاذ جميع المدرجات، وإنقاذ تربتها دون طلب من أحد. أدعو أن يكون العمل بهدف إعادة تأهيلها لصيد مياه الأمطار، وتجميعها وخزنها في تربة هذه المدرجات، بهدف تغذية المياه الجوفية المتجددة. أدعو أن يترك أمر زراعتها لظروف أهلها ومقدرتهم على استثمارها زراعيا.

- أدعو تمكين الأجيال الجديدة الشابة من بناء مدرجات جديدة لتصبح الزراعة الجافة مهنتهم التي يعيشون عليها، وتمكنهم وأسرهم من العيش بكرامة في ظروف حياة أفضل، وتعليم أفضل، وصحة أفضل، ومنزل أفضل.

- إن إعادة توطين الزراعة كمهنة في مناطقنا المطيرة بحاجة إلى مشاريع وطنية لبناء مدرجات جديدة بعد أن تفتت ملكية المدرجات التراثية التاريخية بفعل نظام الإرث بين الأجيال. مثل هذه المشاريع تحقق صيد مياه الأمطار وتحافظ على التربة وتخدم البيئة. ويستمر الحديث بعنوان آخر.