اليوم: د. نورهان عباس

يتحرك الاقتصاد العالمي وفق ديناميكيات دائمة التطور ولكل فاعل اقتصادي سواء دول أو مجموعات دول أو شركات خاصة متعددة الجنسيات أو منظمات دولية دور مهم، وإحدى المجموعات التي تبرز بشكل متزايد في المشهد الاقتصادي العالمي هي مجموعة البريكس التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، والتي تحاول التصدي لهيمنة الدولار الأمريكي على الاقتصاد العالمي، وفق ماذكرت مجلة مودرن ديبلوماسي، وحسبما أوضح المحللون.

إصلاح النظام المالي

أصبحت البريكس محركا للنمو الاقتصادي العالمي وتلعب دورا في تشكيل السياسة العالمية. وكانت إحدى المبادرات المهمة التي اتخذتها تلك الدول هي تعزيز التجارة داخل المجموعة باستخدام عملاتها الوطنية لتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي وهو ما يُعرف باسم جهود إلغاء الدولرة، وهذا يوضح نية دول البريكس لإصلاح الهيكل المالي الدولي الذي يهيمن عليه الدولار حاليًا ويبعده عن التوازن المطلوب لنهوض العالم.

إمكانات اقتصادية هائلة

في عام 2022، وصل الناتج المحلي الإجمالي لهذه المجموعة مجتمعة إلى حوالي 18.6 تريليون دولار، وهو ما يقترب من ربع إجمالي الناتج المحلي العالمي.

وفي العام نفسه، ساهمت الصين وحدها بأكثر من 70% من نمو الناتج المحلي الإجمالي لمجموعة البريكس.

الصين

وكان النمو الاقتصادي السريع والاستثمار الضخم في البنية التحتية والصادرات القوية والاستهلاك المحلي المرتفع من العوامل الرئيسية التي دفعت مساهمة الصين الرئيسية في النمو الاقتصادي لمجموعة البريكس.

روسيا

ومن ناحية أخرى، تعد روسيا من أكبر منتجي الطاقة في العالم وتتمتع باحتياطيات وفيرة من الموارد الطبيعية خاصة النفط والغاز، وهذه المساهمة مهمة في دعم احتياجات الطاقة العالمية وهي عامل رئيسي في التعاون في مجال الطاقة بين أعضاء البريكس.

تشارك روسيا أيضًا في تعزيز التعاون التجاري بين دول البريكس بما في ذلك الجهود المبذولة لتقليل الاعتماد على الدولار في التجارة الدولية. كما تدعم روسيا تنويع العملة في التجارة الثنائية مع دول البريكس وهي خطوة مهمة في دعم التخلص من الدولار.

الهند

وبصرف النظر عن الصين وروسيا، أظهرت الهند أيضًا نموًا مطردًا لتصبح واحدة من أكبر الأسواق في العالم من حيث عدد السكان الكبير والنمو الاقتصادي السريع.

بديل البنك والصندوق

ويهدف بنك التنمية الجديد إلى تقديم القروض لمشاريع تطوير البنية التحتية في البلدان الأعضاء وخارج مجموعة البريكس باستخدام العملات الوطنية وهذه خطوة كبيرة في إصلاح الهيكل المالي الدولي الذي تهيمن عليه مؤسسات مثل صندوق النقد والبنك الدوليان اللذين يستخدمان الدولار كعملة رئيسية.

ووفقا لبيانات البنك الدولي، بحلول عام 2022 ستصل التجارة البينية بين دول البريكس إلى أكثر من 500 مليار دولار. ورغم أن هذا الرقم لا يزال أقل بكثير من التجارة العالمية فإن نموه المطرد يظهر ميلا إلى تقليل الاعتماد على العملات الأجنبية وخاصة الدولار.

مبادلة العملات

بالإضافة إلى ذلك، شملت جهود البريكس لتعزيز تكاملها المالي اتفاقيات مبادلة العملات واستخدام شبكات الدفع البديلة لتسهيل التجارة الثنائية بالعملات الوطنية مما يقلل الحاجة إلى المعاملات بالدولار.

تأثير إزالة الدولرة

قال محللون إن تقليل الاعتماد على الدولار له تأثير كبير على الاقتصاد العالمي فتقليل تأثير تقلبات أسعار صرف العملات ستؤثر بالإيجاب على الاستقرار التجاري والاقتصادي.

ومن خلال استخدام العملات الوطنية في التجارة يمكن لدول البريكس حماية نفسها من التقلبات التي قد تنشأ بسبب السياسة النقدية الأمريكية أو اضطرابات السوق العالمية.

نظام أكثر توازنًا

ومن الممكن أن يؤدي هذا إلى إصلاح نظام مالي عالمي أكثر توازنا وعدلا بمخاطر أقل من المخاطر المرتبطة بالإفراط في الاعتماد على عملة موحدة.

على الرغم من أن التحول الكبير بعيدًا عن هيمنة الدولار قد لا يحدث في وقت قصير إلا أن الخطوات التي اتخذتها مجموعة البريكس وما تقوم به دول عدة سيساهم بشكل كبير في إصلاح الهيكل المالي الدولي الذي كان يعتمد بشكل كبير على الدولار وعلى المدى الطويل يمكن أن يكون التخلص من الدولار بمثابة قوة دافعة لنظام مالي عالمي أكثر استقرارا وتوازنا.