تشترك الأجهزة المستخدمة اليوم في عامل مشترك أساسي من الطائرات الحربية إلى السيارات إلى الهواتف الذكية يتمثل في الأهمية البالغة لأشباه الموصلات. وقالت ستايسي راسجون كبيرة محللي أشباه الموصلات في شركة بيرنشتاين البحثية: ”لا توجد صناعة تكنولوجية بدون أشباه الموصلات”، وفق ماذكرت شبكة سي إن بي سي الأمريكية، والسؤال الآن هو من سينتصر في حرب الرقائق الأكثر تطوراً واشنطن أم بكين؟
حرب تكنولوجية بين أمريكا والصين
مع ارتفاع قيمتها كثيرا خلال سنوات، وصلت قيمة صناعات أشباه الموصلات إلى رقم ضخم ب 574 مليار دولار على مستوى العالم في عام 2022.
ويقول الخبراء أن الصناعة في طريقها للتوسع أكثر بنحو الضعف خلال السنوات المقبلة. ووفق التقديرات فصناعة أشباه المواصلات في طريقها لتجاوز التريليون دولار بحلول نهاية العقد. وقد وقعت هذه الصناعة في مرمى نيران الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين اللذان يعدان أكبر اقتصادين في العالم على الترتيب أمريكا فالصين.
قيود أمريكية
أصدرت الولايات المتحدة التي تقود العالم من حيث حصة سوق أشباه الموصلات العالمية مؤخرًا قيودًا شاملة على بيع الرقائق المتقدمة ومعدات صناعة الرقائق للصين.
تهدف أمريكا من خلال ذلك إلى محاولة تقييد وصول بكين إلى التقنيات الحيوية بما يحد من قدرتها التنافسية أمام أمريكا
لكن يقول خبراء أن الإجراءات الأمريكية المعطلة قد تعمل على تعطيل التنامي الصيني لبعض الوقت وليس لكل الوقت.
وقالت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إن ضوابط التصدير تهدف جزئيا إلى منع استخدام الرقائق الأمريكية الصنع في الجيش الصيني. وفي الوقت نفسه، اتهمت الصين الولايات المتحدة بإساءة استخدام قيود التصدير لعرقلة التقدم التكنولوجي في البلاد.
قالت وزيرة التجارة الأمريكية جينا ريموندو في مقابلة مع شبكة سي إن بي سي الأمريكية : لا يمكننا السماح للصين بالحصول على رقائق أشباه الموصلات الأكثر تطورًا التي بحوزتنا لتستخدمها في تطوير الجيش الصيني. هذا هو خطنا الذي رسمناه والذي لا نقبل تجاوزه.
تريليون شريحة سنوياً
ينتج العالم أكثر من تريليون شريحة سنويًا حيث تحتوي السيارات الحديثة على ما بين 1500 إلى 3000 شريحة. ولدى آيفون 12 حوالي 1400 من أشباه الموصلات، وفق ماذكرت شبكة بي بي سي البريطانية.
وأدى النقص في عام 2022 بسبب الطلب المتزايد على الإلكترونيات خلال الوباء إلى التأثير على مبيعات الغسالات والسيارات على حد سواء. وحققت تايوان نجاحاً استثنائياً حيث تشحن الجزيرة أكثر من نصف الرقائق في العالم وتنتج الرقاقات الأكثر تقدمًا تقريبًا وذلك بفضل إتقانها للإنتاج بحجم أصغر.
أمر مكلف
يعد صنع رقائق السيليكون أمر مكلف ومضني حيث يبدأ الأمر بسبيكة كبيرة من السيليكون فائق النقاء المزروع من بلورة واحدة ويمكن أن يصل وزنها إلى 100 كجم.
ووصف خبراء توسيع إنتاج الرقائق في الولايات المتحدة بأنه ممارسة مكلفة ومهدرة، وذلك لأن تصنيع الرقائق في الولايات المتحدة سيكون أكثر تكلفة بنسبة 50% مقارنة بتايوان.
تايوان وحرب القوتين
لكن براعة تايوان في صناعة الرقائق وضعتها في قلب الحرب التكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين. وتريد واشنطن منع تايوان من تزويد الصين بالرقائق المتطورة التي تخشى أن تستخدمها بكين لتسريع تطوير برامجها للأسلحة وفي تطوير عمليات الذكاء الاصطناعي.
وبعد التدخل الروسي في أوكرانيا والذي أدى إلى خنق إمدادات الغاز إلى أوروبا أصبح الساسة الأمريكيون يشعرون بالقلق إزاء تايوان وهم يخشون من أن التركيز الهائل لإنتاج الرقائق المتطورة في الجزيرة يجعل الاقتصاد الأمريكي رهينة للصين. ووفق الخبراء فلا يوجد بلد واحد يهيمن على هذه الصناعة برغم هيمنة تايوان على قطاع التصنيع إلا أن سلسلة توريد طويلة جدًا تشترك في الصناعة وتساهم في الابتكار.
السيلكون الخام
يأتي جزء كبير من السيليكون الخام في العالم من الصين على الرغم من أن معظمه يذهب إلى صناعة الطاقة الشمسية. وتقود ألمانيا واليابان الجهود في مجال المواد الكيميائية اللازمة لمعالجة الرقائق. ويشك الخبراء في قدرة بكين على إعادة إنشاء سلسلة صناعة للرقائق من إنتاج المواد إلى التصميم إلى الإنتاج عالي الجودة داخل الصين.