أتى رجل من الخوارج الحسن البصري فقال: ما تقول في الخوارج؟ قال: هم أصحاب دنيا، قال: كيف، وأحدهم يمشي في الرمح حتى ينكسر فيه، ويخرج من أهله وولده؟ قال الحسن: حدثني عن السلطان؛ أيمنعك من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والحج والعمرة؟ قال: لا، قال: فأراه إنما منعك الدنيا فقاتلته عليها (كتاب البصائر والذخائرـ لأبي حيان التوحيدي)
الحزبية السياسية تتشكل طبقاً للمصالح أو للأفكار الرائجة. وتتشكل روابط وأحلاف بعناوين متنوعة براقة، دينية أو وطنية أو ايديولوجية تزعم الغيرة على الدين أو على الإنسان وحقوقه أو على الوطن.
ويهمني الشعارات السياسية التي تتاجر بالدين، وتغرر بعواطف الناس، وعدتها تفسير وتأويل توظيفي للقرآن والأحاديث النبوية، وشعار «تحكيم الشريعة». وهذا شعار الخوارج الذين قتلوا عثمان بن عفان ذا النورين رضي الله عنه، وكفروه وهو مبشر بالجنة بشعار «الشعب يريد اسقاط النظام» الذي يرفعه تنظيم الإخوان اليوم، وشن الخوارج على الأمة حرباً عواناً وفساداً عظيماً وسالت، بسببهم، دماء الناس شلالات تترى على مدى دهور.
وكنت لا أصدق أن أناس يلوون ألسنتهم بآيات الله ويفرطون في الحديث عن «الغيرة» على الدين أن تسول لهم أنفسهم أن المتاجرة بالدين وبيع دينهم بعروض الدنيا، إلى أن سقطت اقنعة تنظيم الإخوان ومواليه الذين كانوا، طوال عقود، يخادعوننا ويتاجرون بديننا وعواطفنا.
وبعد الصدمة المذهلة، بالنسبة لي، بدأت أمعن النظر سلوكيات التنظيمات التي تدعي التدين، وهي أحزاب سياسية نفعية براغماتية وأكثر انتهازية من الأحزاب الأخرى واكثر خطورة.
الدين كل الحياة، لكن ما يسمون «الإخوان المسلمين» لا يهتمون ولا يتحدثون إلا بالحكم والحاكمية. لا تجد إخوانياً يتحدث عن التوحيد أو الصلاة والوضوء ولا العلاقات الاجتماعية ولا التجارة ولا المواريث، فقط يتحدث عن الحكم والحكومة والحاكم، ويقدم حزبه بديلاً كي يقفز إلى كرسي السلطة وملذات الدنيا. والأرجح أن هذا الذي أفنى عمره ينظر في تحكيم الشريعة، قد لا يحسن الصلاة بصورة صحيحة. بل وجدنا الإخوان فجار في الخصومة لا يتورعون عن الاختلاق والتزييف والطعن بخصومهم، وترويج الاشاعات بأسلوب وضيع يعف عنه كل ذي مروءة فما بالك بمن يدعي الدين والتدين.
*وتر
الأحزاب تقدم عروضها..
كل شيء للبيع في مزادات المنافع
الدين وأنفس القيم، وثرى الأوطان
والدماء ودموع الثكالى
@malanzi3