فيصل الظفيري

الـتطور والـتقدم الـذي نعيشه في هـذا العالم ترك أثره على كل مناحي حياتنا، وأصبح الانشغال هو السمة الواضحة لكل منا في هذه الأيام، حتى أثر ذلك على كثير من واجباتنا الأسرية، وطرقنا التي نربي بها أبناءنا، فأصبح كثير منا لا يجد وقتا كافيا يخصصه لأبنائه لـلالـتقاء بهم أو لتوجيههم أو حتى متابعة سلوكياتهم، وأصبحنا نقدم لهم نصائح معلبة وكأنها وجبات سريعة لا تسمن ولا تغني من جوع، والتربية بالتقليد بدأ أبناءنا يفقدونها نظرا لانشغال الآباء والأمهات في العالم الافتراضي، الذي قرب لنا البعيد وجعلنا نعيش في وسط أحداث بعيدة عنا بكل يسر وسهولة.

- أصبح الكل مشغولا بهاتفه، ومرتبط عبره بمجموعات كثيرة، يعيش ويتفاعل مع أحداثهم وفعالياتهم، حتى لـو كانوا على بعد مئات أو آلاف الكيلومترات عنه، وأصبحت البيوت مفتوحة بشكل افتراضي أمام بعضها البعض، مما زاد من المشاكل والمشاحنات بين الناس لكثرة التداخلات، فأصبح الانشغال هـو الـسائد في حياتنا حتى لو لم نكن فعليا مشغولين، فالركض اليومي لتوفير لقمة العيش والانجراف وراء وسائل الـتواصل الاجتماعي التي تسرق الوقت والنشاط والتركيز، انعكس سلبا على جودة حياتنا، فأصبحنا تائهين نعيش في دوامة لا تنتهي من الـتواصل، الذي كل فترة يتحدث بظهور نسخ جديدة من هذه البرامج التي لا نهدأ معها حتى تسلمنا لبرنامج آخر، فتفاعلنا المستمر معها وما تنقلـه لـنا من أحداث يترك أثرا على نفسياتنا، ويشتت انتباهنا عن مهامنا الأساسية، حتى أصبحنا في سباق يومي، تتسابق فيه أصابعنا وعقولـنا لـلانتقال من منصة لأخرى بحثا عن الجديد والغريب.

- والانشغال تهمة عامة لا يكاد أحد يبرأ منها في هـذا الـزمان، حيث يسرقنا من أعمال أساسية يفترض أن نقوم بها في بيوتنا لتوجيه الاهتمام وتربية الأبناء، وبناء أسرة فاعلة يكون لأفرادها دور هام وحيوي في بناء مجتمعاتنا، بل أصبح جوالـنا شريكا أساسيا لـنا في الـتربية، يقوم في كثير من الأحيان بأدوار سلبية في غرس الأفكار والقيم الهدامة التي يصعب اكتشاف أثرها إلا بعد أن تتمكن، مما يزيد الضغوط على الـوالـدين في متابعة أفراد أسرهم، والمصيبة أننا بدأنا نعتاد هـذا الانشغال، ونبرره لأنفسنا، لـكن الجوال رغم إيجابياته الكثيرة إلا أن الإفراط في استخدامه ينعكس سلبا على حياتنا، فهو رغم أن ظاهره الـتواصل إلا أنه يصيب حياتنا الاجتماعية بالـشلـل، فكمْ من أسرة تجتمع لكنها لا تجتمع ، حيث يكون أفرادها مشغولين بجولاتهم رغم جلوسهم في موقع واحد.

- والسؤال الهام هنا ونحن نربي أبناءنا ماذا سيرون وماذا سيقلدون منا، خاصة أن الأبناء ينشئون في غالب الأحيان على ما يلـمسونه ويشاهدونه من سلـوكيات وتصرفات يلـمسونها لـوالـديهم، وكما يقولون فالأبناء يتبعون خطوات والديهم، فهل من منتبه.