إلى عهد قريب كانت الصورة النمطية لعمل الجمعيات الأهلية تقديم المساعدات المباشرة للفئات المحتاجة، حتى أن هذه الجمعيات كان يغلب عليها مسمى الجمعيات الخيرية، ويقبل مجتمعنا بفطرته على هذه الأعمال لأنه مجتمع مسلم أولاً تحثه عقيدته الإسلامية على الصدقة وتجعل الزكاة ركناً من أركان الدين ثم
شهامته العربية التي تتوارثها الأجيال، إلا أن تحولاً نوعياً كبيراً حصل خلال السنوات الماضية على طبيعة هذا العمل عالمياً ومحلياً حيث تغيرت حتى المسميات فأصبحت الوزارات المسؤولة عن هذا القطاع تسمى وزارة التنمية الاجتماعية ولم تعد وزارة الشئون الاجتماعية كما كانت في جميع الدول تقريباً، وبلادنا كما هي العادة أن تكون سباقة لأي مستجدات إيجابية في كافة المجالات شهدت تحولاً ملموساً بهذا الاتجاه,
وجدنا كافة جمعيات القطاع غير الربحي تسارع بنسب متفاوتة في اتخاذ خطوات ملموسة نحو التحول التنموي الذي يعني استبدال تقديم المساعدات النقدية والعينية المباشرة إلى التحول بهذه الأسر من الحاجة إلى الاكتفاء والتعرف على إمكانات أفرادها، وتوظيف هذه الإمكانات في إحداث التحول التنموي المطلوب من خلال التعليم والتدريب والإعداد لسوق العمل أو مساعدتها بقروض ميسرة لإقامة مشاريعها الخاصة بحيث تصبح أسراً منتجة ثم تسويق منتجات هذه الأسر بما يعود عليها بالدخل الذي يمكنها من
الاعتماد على الذات إضافة إلى عناية هذه الجمعيات بتوفير المسكن الملائم لهذه الفئات باعتبار المسكن الملائم هم من أهم مقومات جودة الحياة والاستقرار الأسري.
من يتابع عمل الجمعيات الأهلية في هذا المجال ويطلع على ما يصدر عنها من تقارير يلمس التحول الكبير الذي أحدثه هذا التغيير في أهداف وآليات عمل الجمعيات الأهلية من خلال الأرقام التي توضح أعداد الأسر التي تحولت إلى الاكتفاء بسواعد أبنائها وأعداد الوظائف التي استطاعت الجمعيات أن تلحق بها أبناء هذه الأسر وبناتها وكذلك المشاريع الصغيرة التي مولتها ليقوم بتشغيلها أبناء الأسر.
لابد من الإشارة أن النجاحات التي يحققها القطاع غير الربحي والجمعيات الأهلية في المملكة لم تكن ممكنة بعد عون الله تعالى إلا بما يلقاه هذا القطاع من دعم قيادة بلادنا –أيدها الله- التي جعلت تنمية هذا القطاع وتطويره وتعظيم دوره أحد مستهدفات رؤية المملكة 2030، كما سهلت لمؤسساته السبل التي تمكنها من تحقيق أهدافها، ولابد من التنويه كذلك بدور القطاع الخاص الذي يبادر إلى دعم الجمعيات الأهلية ومدّها بالموارد المالية اللازمة لتنفيذ مشاريعها
وتحقيق أهدافها، كما أن الوعي المتزايد لأبناء هذه الأسر بأهمية التدريب والعمل وتحمل المسؤولية هو كذلك من أسباب النجاح وصولاً إلى الانتقال بهذه الفئات إلى الاعتماد على الذات بدل انتظار المعونات.
@Fahad_otaish