معتصم باكراع

يعزف بإيقاع مترامي الأنغام بين تشكلات وتنوعات وهمسات الألحان من البدايات وحتى آخر نوتة موسيقية يقف الوتر عند امتزاج الريشة وابتلاع انقباضات تسلسلية التوقعات، تدار عبر أصابع عازف امتهن تقديم اللحن بطريقة آسرة في أشهر الأوركسترات يتلاعب في الكمان ويموضعه حيثما يريد دون أي تكلف أو تزيف.

اخذ كمانه وآلة التصوير ليصور تقاطع عجلة الحياة مع نغمه يا ترى من سيكترث من عازف الكمان أم صخب الحياة في محطة التوقفات والتكاملات؟

إن تلك التجربة الاجتماعية التي قام بها أحد أشهر عازفي الكمان في محطة القطارات بائت بالفشل الذريع فقد تم عزف أشهر الأعمال الرائعة والألحان البديعة بين كل نوتة وأخرى جمود لا أحد يتوقف أو يستوقف فالكل مشغول في رحلته لأن الجميع لديهم معاركهم الخاصة.

مسافر يقف في تلك المحطة ليغير القطار وفتاة استوقفتها تلك المحطة لتذهب إلى أهلها بعد أسبوع حافل من العمل في مدينة أخرى وذلك الشاب يودع آخر أيامه في تشظيات احتراقات مهنية لم تجعله يرى من محطة القطارات إلا ملامح مضادات الاكتئاب دون أن يمتلك قرار المشاركة فضلاً عن الحضور.

وستيني لا يملك إلا التشبث بآرائه ومصادرة حق الآخرين في تقرير مصيرهم، وخمسيني لا يعرف إلا إنجاز المهام بكل حنكة ومسؤولية، وبين أولئك الأطفال وتلك الأمهات تمتزج تلك اللوحة في تسارعات الحياة.

دون وجود الوقت الملائم لسماع أشهر ايقاعات الكمان والتوقف عندها في محطة القطارات، إنها رحلة الواقع دوائر الايقاعات في خضم بوصلة الحياة جغرافيتها تسارعات وتجاذبات وتنافرات وتناقضات تأتي الصورة لتعكس واقع الحياة فهل هناك وقت لسماع تلك المقطوعة واقتطاع وقت يسير لموائمة النغم مع الإيقاع؟

لا أعتقد فالكل مشغول تحت وطأة النسيان يقبع عازف الكمان بتلك الألحان يعزفها في مخيلته يعبث بين تفرعاتها وملتقياتها ومنطلقاتها لن يعبأ به أحد أو يكترث فالحياة أسرع من وقع تلك الألحان.

لا تتوقع أن تقام مباراة كرة قدم في مترو الأنفاق كما لا تتوقع أن يلقى لألحانك بال في مقاطعة المترو بين توقف المحطات وتداخل البدايات مع النهايات تلك هي حقائب الانتظار لا يحملها إلا البؤساء، التعساء.

فالإيقاع ايقاعك، واللحن لحنك، ومن يكترث برتيب النوتة!! إلا فنان مازج بين تلك الإيقاعات وأخرج موجة عبثية بين الرغبة والتنفيذ لا يفصلهما إلا ايقاع الكمان، بين البدايات والنهايات معارك خاصة في وقت بات لكل شيء خصوصية التقلبات والإلتقاءات.

لا أحد يعبأ في البدايات ولا النهايات في محطة المترو حينما يحترق عازف الكمان في محطة القطارات.