اليوم: د. نورهان عباس

تجاوز الاقتصاد العالمي عام 2023 بشكل مرن عابرًا التوقعات بنمو إيجابي عبر مناطق عدة مختلفة، والآن من المتوقع تجاوزه لمخاطر الركود بفضل المرونة الاقتصادية المستمرة في جوانبه رغم التقلبات الجيوسياسية الكبيرة، وتمثل هذه المرونة بداية مشجعة لعام 2024، وفق ما ذكر موقع جيوبوليتيكال فيوتشرز.
تضاؤل خطر الركود
في هذا السياق يقول محللون أن خطر الركود العالمي قد تضاءل ويرجع الفضل في ذلك جزئيا إلى السياسات النقدية الصارمة المطبقة للحد من التضخم.
تباطؤ زخم الاقتصاد العالمي
ومع ذلك وعلى الرغم من هذه البداية المتفائلة تتوقع المنظمات الدولية تباطؤ زخم الاقتصاد العالمي في عام 2024.
وفي المنتدى الاقتصادي العالمي الأخير في دافوس، تركزت المناقشات حول توقعات البنك الدولي وتحليلاته وخاصة بيانه بأن النمو العالمي على مدى خمس سنوات. ومن المتوقع أن تكون الفترة المنتهية في عام 2024 هي الأضعف منذ ثلاثة عقود.
مخاطر جيوسياسية مستمرة
ورغم أن الاقتصاد العالمي نجح في تجنب الركود في الوقت الحالي، فإن التوترات الجيوسياسية المتصاعدة تهدد بفرض عقبات جديدة حيث إن المعركة لازالت مستمرة ضد التضخم في ضوء الحرب الروسية الأوكرانية، والتي تفرض بالفعل ضغوطاً كبيرة على الإطار الاقتصادي العالمي.
كما أن مما يزيد الأمور تعقيداً عدم الاستقرار في الشرق الأوسط والتغيرات المستمرة لسلاسل التوريد العالمية والتي يمكن أن تؤثر سلبا على النشاط الاقتصادي في جميع أنحاء العالم.
وتباطأ التضخم في اليابان للشهر الثاني مما أعطى محافظي البنوك المركزية سببًا للانتظار قبل إنهاء سياسة أسعار الفائدة السلبية، وفق ما ذكرت شبكة بي إن إن بلومبيرج.
للمزيد: الاقتصاد السعودي ونمو جديد في 2024
في حين أن البيانات تدعم وجهة النظر التي تقول بأن مسؤولي بنك اليابان لن يتعجلوا في رفع سعر الفائدة لأول مرة منذ عام 2007 إلا أن أسعار الخدمات ظلت مرتفعة. وانخفضت توقعات التضخم في أوروبا، في حين ارتفعت مبيعات التجزئة ومعنويات المستهلكين في الولايات المتحدة.
أسعار الفائدة العالمية
ما تزال تحركات أسعار الفائدة تشكل مصدر قلق مستمر للعام. وخلال الأيام الماضية، ترك بنك إندونيسيا سعر الفائدة القياسي دون تغيير مشيرا إلى حذره من تخفيف السياسة النقدية حيث ينتظر المزيد من الإشارات المقنعة على استقرار العملة والتضخم الذي يمكن التحكم فيه. وصمدت أنجولا أيضًا بينما واصلت كازاخستان وباراجواي حملات خفض أسعار الفائدة.
التضخم في آسيا
يمنح تقرير التضخم الأخير في اليابان بنك اليابان سببًا آخر للانتظار إلى ما بعد اجتماع قريب قبل إنهاء سياسة سعر الفائدة السلبية.
وكان الانكماش في الصين مدفوعا بانخفاض الأسعار في قطاع التصنيع في العام الماضي مما زاد من خطر التوترات التجارية مع الولايات المتحدة وأوروبا وسط زيادة كبيرة في القدرة الصناعية الصينية.
للمزيد: بالتفاصيل.. المملكة تستضيف اجتماع المنتدى الاقتصادي العالمي أبريل 2024
وانخفض عدد سكان الصين بوتيرة أسرع في عام 2023 مع انخفاض المواليد إلى مستوى قياسي مما أدى إلى تسريع التحول الديموجرافي الذي يشكل تحديات طويلة الأجل لحكومة تواجه بالفعل ضغوط الانكماش وأزمة العقارات.
وقد يشكل انخفاض المواليد المزيد من التحديات للاقتصاد الذي حقق هدف النمو الرسمي العام الماضي لكنه لا يزال متأثرا بعوامل من بينها ضعف الطلب المحلي والثقة من قبل المستهلك.
توقعات المستهلكين في أوروبا وأمريكا
انخفضت توقعات المستهلكين للتضخم في منطقة اليورو في شهر نوفمبر إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من عام ونصف العام ما يدعم وجهة نظر الأسواق بأن تخفيضات أسعار الفائدة من جانب البنك المركزي الأوروبي قد تكون وشيكة قريباً.
على الرغم من الارتفاع الطفيف في شهر ديسمبر، إلا أن التضخم يتراجع في جميع أنحاء أوروبا حيث دفع تباطؤه السريع المستثمرين إلى التكهن بتخفيضات أسعار الفائدة في أقرب وقت من فصل الربيع.
وارتفعت مبيعات التجزئة الأمريكية في ديسمبر بأكبر وتيرة في ثلاثة أشهر وهو الأمر الذي يشير إلى مرونة في عمليات الاستهلاك.
ومع ذلك، حذر الاقتصاديون من أن النمو المأمول قد يتلاشى في عام 2024 في وقت يواجه فيه المستهلكون استمرار معدل التضخم وارتفاع تكاليف الاقتراض وتراجع المدخرات.
أداء الأسواق النامية
عطلت ظاهرة النينيو المناخية الصعود القوى الزراعي في دول مثل البرازيل. وتعرضت البرازيل ودول أخرى إلى موجات متعاقبة من هطول الأمطار بينما أثر الجفاف على مناطق أخرى بشكل غير معتاد.
ونتيجة لذلك، ارتفعت أسعار السلع الأساسية مثل الأرز والبطاطس.
توقعات الاقتصاد العالمي في 2024
توفر احتمالات تراجع التضخم وانتعاش التجارة العالمية بعض التشجيع للمستثمرين في عام 2024 على الرغم من استمرار الحروب، حسبما رأت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد ونظرائها في المنتدى الاقتصادي العالمي الذي عقد في دافوس.
وينعكس الركود الاقتصادي العالمي على مختلف الاقتصادات وكذلك على حياة الناس بأشكال عدة تتجلى في ارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض مستويات النشاط الاقتصادي، وتدني مستويات الدخل والثروة، إلى جانب عدم اليقين المتعلق بالوظائف وبالدخل في المستقبل. كما تتأثر السلوكيات الصحية للأفراد ومعدلات الوفيات بفترة الركود الاقتصادي، حيث تشير بعض الدراسات إلى زيادة معدلات الإصابة بالأمراض المزمنة في الفترات التي تلي الركود الاقتصادي، وتزداد معدلات الوفيات لمن فقدوا وظائفهم بعد الركود.