هناء مكي


- «العميل الوفي» هل يكون أشبه بأسطورة «الخِل الوفي»؟. فمع التكنولوجيا والتقنيات الجديدة المتغيرة كل يوم، العالم آخذ في التغيير بسرعة قياسية ولكن إلى المجهول حيث لا يمكن التنبؤ، فلا قواعد ولا مباديء ولا سلوكيات ثابتة أو نمطية يمكن دراستها لمعرفة نتائجها، فحتى سلوك المستهلك في السوق تغير، بل إدارة الشركات لأعمالها هو الآخر تغير للسبب ذاته، غير أن اللافت هو تقلص «العميل الوفي» فقد مكنت التكنولوجيا الجديدة المستهلكين من الوصول غير المحدود للمعلومات والمنتجات والخدمات، كما ساهمت وسائل التواصل في تغيير أفكارهم ومنتجاتهم من خلال تجارب الآخرين أو العروض الملفتة، فلم يعد هناك إلا القلة من العملاء الأوفياء، الذين يتوقع لهم التلاشي مع التغيير المستمر.
- لا يقتصر الأمر على ذوق المستهلك في التغيير السريع هذا، بل باتت الشركات والأنشطة التجارية هي الأخرى تواجه صعوبة في الحفاظ على عملاءها، لذا تلجأ إلى تغيير سياستها ومنتجاتها وتوجهها بل وحتى تعاملها وفق ما يقتضي الذوق العام وآراء العملاء، الذين باتت آراءهم تصل إليهم بسهولة وفي العلن وتؤثر كثيرا على قاعدة العملاء، هذا التغير لا يقتصر على التعامل التقليدي بل حتى في التعامل العكسي، إذ إن المنتجات والأسواق والأنشطة التجارية التي تقتصر على الحضور، صارت في متناول اليد هي الأخرى، فليس فقط للمسافر أو التاجر الوكيل في البلد له سلطة الوصول إلى تلك المنتجات الأجنبية، فيمكن لأي فرد شراء المنتج من ماركة مشهورة أو أجنبية، عن طريقة خدمة التوصيل، حتى وإن كان من الطبقة محدودة الدخل، لم يعد الأمر يقتصر على العملاء التقليديين.
-سنجد أن ذلك التغيير لا يمنح الأنشطة التجارية حق الحفاظ على عملاءها لوقت طويل كما السابق، حيث كان المستهلك التقليدي مكتفي بمنتجات صارت تشكل ذوقه الخاص ويبقيها لوقت طويل، في الوقت الحالي من الصعب ليس فقط المحافظة على وفاء المستهلك، بل على المنتج نفسه لوقت طويل فهو معرض للانقطاع من السوق بشكل مفاجىء، ووفق دراسة نشرتها «شركة أكسنتشر العالمية للاستشارات»، فقد أصبح استخدام الأدوات الرقمية لمقارنة الأسعار ومقدمي الخدمات أو الاستفادة من الخصومات ممارسة شائعة لدى معظم «جيل الألفية والجيل Z» «مواليد الثمانينيات والتسعينيات».
- أصبح التحول نحو نمط حياة هجين أمراً مفروضاً والذي تسارع بسبب الوباء العالمي، إذ أدت الإجراءات التقييدية التي تم تنفيذها خلال الأزمة الصحية إلى تسريع التحول الرقمي في جميع مجالات الحياة.. وكان هناك تحول هائل نحو التسوق عبر الإنترنت حيث لم يعد بإمكان الناس الخروج وشراء المنتجات والخدمات التي يحتاجونها شخصياً.. وحتى بعد انحسار الوباء، ظلت معدلات التسوق عبر الإنترنت مرتفعة، حيث ذكر أكثر من 33% من البالغين أنهم يذهبون إلى المتاجر الفعلية بشكل أقل من ذي قبل.
- لن تعود كمستهلك تألف ما تشتريه لفترة طويلة ولن يكون لك روتينك الهادئ، كما كان الحال من قبل.. فالمستهلك التقليدي سيواجه صعوبات في المستقبل القريب في البقاء على منتجه الاثير وشركته النشطة، سيتحكم المستهلك حتى في بقاء الشركات في السوق فلديه كل القوة والسلطة، ستتحول وسائل الاتصال الى بورصة تجارية في المستقبل تتحكم في الأسواق.
@hana_maki00