د. ريم الدوسري


تعمل الدول باستنفار لمكافحة الهدر الغذائي، وتعد من أحد أكبر المعضلات التي تواجه العالم لما لها من تداعيات خطيرة تهدد الأمن الغذائي، البيئة، والاقتصاد، فنجد بعض المتاجر الكبرى في بريطانيا تقوم بتحسين طرق التعبئة والتغليف للحفاظ على المواد الغذائية ولتبقى مع المستهلك لفترة زمنية أطول، وتقوم المملكة بجهود الحثيثة للحفاظ على الأمن الغذائي، فأطلقت عدة مبادرات ومنها «البرنامج الوطني للحد من الفقد والهدر في الغذاء»، و الذي تنفذه الهيئة العامة للأمن الغذائي. ويهدف لتعزيز استدامة الموارد الطبيعية، وتجويد الاستهلاك؛ والتقليل من نسبة الهدر.
- من أسباب الهدر، سوء تخطيط، ونمط حياة السريع، وعدم الوعي بكيفية استخدام بقايا الطعام وإعادة تدويره، والسعوديين بشكل عام شعب مضياف وأحد أشكال الضيافة والتعبير عن الترحيب هو اعداد مالذ وطاب من الولائم. هي خصال حميدة في مجتمعنا ونثمنها، لكن ظاهرة «الكرم» تحديدا قد تصل في بعض الأحيان إلى الإسراف وللأسف قد تساهم بشكل كبير في الهدر، والجدير بالذكر بأن إهدار الطعام لا يتعلق بالطبقة الاجتماعية والرفاهية للشخص، إنما تنم هذه الممارسات والسلوكيات عن الثقافة المجتمعية، وكمجتمع مسلم لا بد أن نسعى للحد منها.
- الهيئة العامة للأمن الغذائي، أطلقت عدة حملات للتوعية بأهمية سلوك المستهلكين وترشيده من خلال مثلا توعية الأفراد بأهمية التوازن في شراء المواد الغذائية، كما لابد أن نحرص كأولياء أمور على غرس المفاهيم الخاصة بترشيد الاستهلاك واستشعار أهمية حفظ النعمة مع أبنائنا، فمثلا وضع قائمة للشراء عند الذهاب للتبضع الأسبوعي، شراء مايحتاجونه خلال الأسبوع فقط، وأخذ ما تبقي من طعامهم في المطاعم إلى المنزل. وبذلك نعد نشئ قادر على إدارة ميزانية وترشيد الاستهلاك متمسك بسلوك اقتصادي إسلامي. فوضع لنا ديننا الحنيف القواعد الأساسية لترشيد الإنفاق، والاستهلاك في الأكل والشرب وغيره والتأكيد على عدم الاسراف.
يفصلنا عن شهر رمضان المبارك أقل من شهر، أعاده الله علينا وعليكم بكل خير، وسنلجأ كأسر للتحضير لهذا الشهر المبارك من خلال شراء منتجات غذائية، ولكن تقنين الاستهلاك، والحفاظ على الموارد من خلال الاستفادة من فائض الطعام، والممارسات اليومية لحفظ النعمة أمر غاية في الأهمية، لنشارك في الحد من الهدر الغذائي.
- في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: «كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه»، فرب الأسرة لابد أن يجتهد ويساهم للحد من هذا الهدر، ولابد أن نعي بأن تأثيره لا يقتصر على الفرد فقط، بل ويتخطى المجتمع والحدود الجغرافية، فكلما زاد التبذير الفردي، تأثر تطور ونمو المجتمعات.. فلنحفظ النعمة لتدوم لنا وللأجيال القادمة.
@DrAL_Dossary18