د. شلاش الضبعان يكتب:


- اليوم نعاني من سيطرة شبه كاملة علينا من جوالاتنا، وانغماس في مشكلاتنا، بحيث لا نجد وقتاً لأنفسنا نجلس معها ونتحدث إليها ونناقشها، ونرى هل تقدم مستواها أم تراجع؟، مع أن الخلوة والتأمل هي وسيلة من وسائل النجاح، بها يرتفع مستوى إيماننا، ففي كل شيء له آية، ونراجع مسيرتنا، ونعيد شحن طاقتنا، ونريح عقولنا المجهدة من الضغوط التي لا تتوقف، وجزء منها تنطلق من داخل بيوتنا.
- عندما نقرأ سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم نجد كتب السيرة تقول: لما تقاربت سن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الأربعين، وكانت تأملاته الماضية قد وسعت الشقة العقلية بينه وبين قومه، حُبب إليه الخلاء، فكان يأخذ السَّوِيق والماء، ويذهب إلى غار حراء في جبل النور على مبعدة نحو ميلين من مكة، فيقيم فيه شهر رمضان، ويقضي وقته في العبادة والتفكير فيما حوله من مشاهد الكون وفيما وراءها من قدرة مبدعة، وهو غير مطمئن لما عليه قومه من عقائد الشرك المهلهلة وتصوراتها الواهية، ولكن ليس بين يديه طريق واضح، ولا منهج محدد، ولا طريق قاصد يطمئن إليه ويرضاه .
- وكان اختياره صلى الله عليه وسلم لهذه العزلة طرفًا من تدبير الله له، وليكون انقطاعه عن شواغل الأرض وضَجَّة الحياة وهموم الناس الصغيرة التي تشغل الحياة نقطة تحول لاستعداده لما ينتظره من الأمر العظيم، فيستعد لحمل الأمانة الكبرى وتغيير وجه الأرض، وتعديل خط التاريخ، دبر الله له هذه العزلة قبل تكليفه بالرسالة بثلاث سنوات، ينطلق في هذه العزلة شهرًا من الزمان، مع روح الوجود الطليقة، ويتدبر ما وراء الوجود من غيب مكنون، حتى يحين موعد التعامل مع هذا الغيب عندما يأذن الله».
- يجب أن نخصص لأنفسنا وقتاً بدون جوال، نتحدث معها، نتناول العشاء برفقتها، نتمشى نحن وإياها، فهي راحتنا، وأساس نجاحنا، وما رأيت ناجحاً إلا وهو ينصح بالخلوة مع النفس، وقد قيل: إن الشيء الذي يبحث عنه الإنسان الفاضل موجود في ذاته، أما الشيء الذي يبحث عنه الإنسان العادي فهو موجود عند الآخرين، وقيل: تحدث مع الناس قليلاً، ومع ربك كثيراً.
@shlash2020