عبدالله العزمان


جاءت أم المؤمنين صفية بنت حيي رضي الله عنها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تزوره وهو معتكف في المسجد، في العشر الأواخر من رمضان، ثم قامت تنقلب، فقام معها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، فهو هنا يترك معتكفه وعبادته، ليرافق زوجته ويحرص على أن يوصلها بنفسه إلى بيتها.

ومن ذوقياته كذلك، قال أنس: كانت صفية مع رسول الله ﷺ في سفر، وكان ذلك يومها، فأبطأت في المسير، فاستقبلها رسول الله ﷺ وهي تبكي، وتقول حملتني على بعير بطيء، فجعل رسول الله يمسح بيديه عيناها، ويسكتها، فما أروعها وأعذبها من لحظة اهتمام وعطف.

وها هو كذلك يهتم بإدخال السرور والفرح على زوجته، فيسابق أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فتقول إنها كانت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في سفر، فسابقته فسبقته على رجلي، فلما حملت اللحم؛ سابقته فسبقني، فقال: هذه بتلك السابقة.

وها هو يضحك لما حصل بين زوجاته من مداعبه، وفيه تقول عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، تقول أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بجزيرة قد طبختها له، فقلت لسودة- والنبي صلى الله عليه وسلم بيني وبينها-: كلي، فأبت، فقالت: لتأكلي أو لألطخن وجهك، فأبت، فوضعت يدي في الجزيرة ، فطليت وجهها، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، فوضع بيده، وقال لها: الطخي وجهها، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم لها.

لقد كان لنا فيه أسوة، عليه الصلاة والسلام، فقد كان يعيش مع زوجاته، الحياة الزوجية كزوج، وليس غير ذلك، فهو لا يتكبر ولا يتأفف ولا يتحرج، بل يفعل ذلك كله لشريكة حياته، لنتعلم من ذلك قدر هذا الشريك وفضله، فالزوجة هي من تقاسم الزوج أعباء الحياة وتكاليفها، وهي السكن والراحة التي يأوي إليه، «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذٰلك لآيات لقوم يتفكرون». وهو بذلك يضرب لنا أروع الأمثلة العملية، ليعلمنا كيف نتعامل زوجاتنا ونهتم بهن، ويسبق بقرون كافة، من تكلم أو ألف كتاب في الرومانسية وحسن التعامل مع الزوجة.

قال غازي القصيبي -يرحمه الله -:
أيا رفيقة دربي!... لو لدي سوى
عمري... لقلت: فدى عينيك أعماري
أحببتني... وشبابي في فتوته
وما تغيرت... والأوجاع سماري
إن ساءلوك فقولي: كان يعشقني
بكل ما فيه من عنف... وإصرار
@azmani21