صالحة العسيري


- الجوهر هو شيء ثمين ومكنون خلقه الله في البشر وأوجده في الروح مبني على ديننا وتربيتنا الأصيلة، خلقنا أرواحٍ مختلفة وأجمل الأرواح من يملك روحاً صافياً طيباً، فجمال الجوهر هي ترجمة لجمال المظهر فإذا كان داخلك جميل سيشع مظهرك بكُل جمال أيضاً فينبعث النور الداخلي ويتغلب جمال روحك الداخلي على جمال المظهر، فحين تكون طيب السريرة يجعل لك سر القبول بين الناس، الجوهر يحدد شخصية الإنسان في الحياة وطريقة تعامله مع الناس والتزامه بالقيم والمبادئ والأخلاقيات..!!
جوهر الإنسان أساسه هو إنسانيته التي تعكس الصفات التي تميزه عن غيره من المخلوقات من قدرة على الحب والرحمة والتعاطف وإبداء المشاعر، ويختلف مستوى رقي فكر الإنسان وتقديره لأهمية جوهره من شخص إلى آخر..!!
- فجمال الجوهر مهم جداً حتى في انتقاء الصديق والرفيق فلا ننظر للمظهر من لونه أو جماله بقدر ما ننظر إلى جوهره الداخلي ولقد أتعبنا الشيء الزائف، ونبحث عن الصدق والوضوح فلذلك نبحث عن الجوهر فهو الدائم، ولا يعني بأننا نبخَس بحق جمال المظهر بل هو أيضاً مَطلبٌ، لذلك لا نُهمل الجوهر ونختار المظهر، ففي زمننا الآن أصبح المظهر هو الاختيار الأول وغياب الجوهر كثيراً..!!
ما أجمل من يجمع بين الجمالين، الداخلي «الجوهر» والخارجي «المظهر»، فجمال المظهر جميل أيضاً ويعكس تربيتنا وعادتنا وتقاليدنا ويترك انطباعاً ايجابياً بين الآخرين، المظهر الخارجي «يظل مرآة التنشئة الاجتماعية التي عاشها الإنسان ويعكس طريقة تفكيره وفلسفته الحياتية».
- وقد أكّد النّبي عليه الصّلاة والسّلام على أهميّة الجوهر حينما قال: «النّاس معادن كمعادن الذّهب والفضة، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا»، فلكلّ إنسانٍ معدنه الذي يعبّر عن أصالته التي لا تتغير بتغير الأحوال والظروف..!!
* فسؤالنا اليوم لماذا ضاع الجوهر... وتألق المظهر؟
في زمننا ضاع بسبب فقدان الوازع الديني واهتمامنا بالمظاهر الخارجية الخداعة التي لا تدوم ونسيان الجوهر المكنون الداخلي..
اختفاء الجَوهر بسبب تفشي ظاهرة قسوة القلوب بين الناس تتفاوت الأسباب وراء ذلك بين تحديات اجتماعية وانعدام الوازع الديني والأخلاقي وكل ذلك يغير من الصفات الشخصية للبعض، ويجردهم من إنسانيتهم، ويبدأ الاهتمام بالمظهر على حساب ما ضاع من الجوهر كنوع من التعويض عن الفراغ الداخلي والبحث عن التوازن والثقة بالنفس، فيتألق المظهر وتبدأ رحلة الغرق في الماديات، المشكلة لا تكمنً في الاهتمام بالمظهر، ولكنها تكمنً في المبالغة به..!!
شمعة مضيئة :
- لا بد من نشر التوعية بين الناس حول أهمية الجوهر والمظهر معاً، وعدم الاهتمام بالمظهر فقط والمبالغة فيه على حساب الجوهر الضائع، كما علينا أن نهتم بالشباب ونحرص على تشجيعهم على الاهتمام بالأمرين معاً، فالله سبحانه وتعالى «يحاسب الناس على أعمالهم وينظر إلى قلوبهم وجوهرهم وصفاء سرائرهم ولا ينظر إلى مظهرهم».
- بل يجب أن نوازن بينهما وأن لا نهتم بأحدهما ونٌهمل الآخر، والموفق من وفقه الله إلى أن يكون حسن الخلق والخليقة، وقد وصانا الله ورسوله الكريم إلى الاعتناء بنظافة الجوهر والمظهر..!!
- في كثير من الأحيان يكون لاهتمامنا بجمالنا الداخلي الأثر الواضح على مظهرنا الخارجي، وإن كنت قليل الجمال.. فلا نفقّد الجوهر بحثاً عن المظهر لأنه زائل ويبقي جوهر الروح نقياً دائماً فتمسك به، لأن المظهر يتعُوض لكن الجَوهر فلا..!! «
من محطة اَلْجَوهر المفْقود أُحدثكم ..»قلمي»
@Sa_Alaseri