حسين الحمود

- كعادة (الزاحفين) للعواصم بحثًا عن لقمة عيش (فارهة)، التحق (صالح) بالركب من منطقة بعيدة، محاولا إصلاح ما أرهقته الدنيا (من جيبه المشقوق) متمنيا أن تكون هذه الحركة (مباركة) ليهنئ البال منه بعد ضنك العيش. صديقنا لاحت له بوادر العيش (الرغيد) فثلاثة أضعاف راتبه الذي كان يتقاضاه في (ديرته) كفيل بأن يرفع حال العائلة وكما قالوا ليالي العيد، تبان من (عصاريها).

- وصل صديقنا العاصمة وفي حسابه بضعا من الآلاف التي (راودته نفسه) كفايتها للسكن والمأكل والمشرب خلال أيامه الأولى، فسكن في شهره الأول شقة مفروشة قريبة من عمله، مؤقتة إلى أن يبحث عن سكن ملائم........... (نعم تستمر نقاط البحث عن السكن المناسب إلى مالا نهاية).

- سئم صالح من البحث، فإن وجد ما يناسب ميزانيته لم يكن السكن صالحا (للسكن الآدمي) وإن وجد ما يناسب السكن لم يكن صالحا (لميزانيته)، واستمر الحال أشهرا وهو يدفع ثلث مرتبه للشقة المفروشة، وفي غمرة كفاح (البحث) أعلنت الإذاعات والصحف عن قيام المهرجان السنوي في العاصمة، هذا الذي يسافر إليه الكثير من أنحاء المعمورة، فاصطدم بواقع (الجشع) عند ملاك العقار، فرفع صاحب الشقق المفروشة سعر الشقة إلى ضعف ونصف وخير صديقنا بين الدفع والبقاء أم الاستسلام والخروج، فالتزم الصمت والدفع مجبورا لا مناص.

- بعد جهد وتعب وجد صاحبنا ضالته، سكن يبعد عن عمله 35 دقيقة، فقال تحمل واصبر على إضاعة الوقت واحفظ مالك... سكن سنته الأولى مرتاحا سعيدا من هم ارتفاع الشقق المفروشة في المواسم، أثث تلك الشقة من أغلى المحلات وأرفهها، فهو يعلم أن لا ملاذ بعد عمله إلا عشه الصغير ليرتاح ويطمئن.

- ذلف (صالح) إلى مكتبه كعادته صباحا، وهو يسمع تهامس زملاءه عن ارتفاع ملحوظ في أسعار الإيجارات السنوية، لم يعرهم اهتماما فهذا (عرف) عقاري دأب عليه أصحاب العقار منذ سنوات... فكلما تقادم المبنى وهرم زادت قيمته المعنوية لدى صاحبه ما يجعله (لا إراديا) يزيد من قيمته المادية على فرضية (أن الأبواب من ذهب والأقفال من فضة)، صديقنا كان يدير في خلده بأن الزيادة حالة عليه وإن كثرت لن تصل إلى أكثر من 10%!!!. قارب عقد إيجاره على الانتهاء، واصطدم بواقع الحال والحقيقة المرة التي فصلت الواقع عن الخيال، خير بين البقاء في شقته المستأجرة ودفع زيادة مقدارها 40% أو المغادرة حال انتهاء العقد...

لن أطيل فكأني تجاوزت عدد الكلمات المرصودة لهذا المقال!