هناء مكي


وقت عصيب تمر به منظمة التجارة العالمية، بإعلان فشلها في الاتفاق على قرارات المؤتمر الأخير، في فعاليات المؤتمر الدولي لمنظمة التجارة العالمية الثالث عشر والذي عقد في أبو ظبي مؤخرا وفي الوصول الى إجماع والسبب كما ذُكر غلبت المصالح الوطنية على مصالح المسؤولية الاجتماعية، والذي هدفه الأساسي إصلاح المنظمة بما يخدم مصلحة الأعضاء الـ 164 وشعوبها وشعاره «التجارة في خدمة الشعوب».
وتوقفت عند بنود مهمة كإعداد نظام فعال لتسوية المنازعات، وبذل المزيد من العمل في المفاوضات الخاصة بالزراعة، وتطبيق المرحلة الثانية من اتفاقية مصائد الأسماك، والعمل على تمديد وقف التجارة الإلكترونية وبرنامج عمل التجارة الإلكترونية. ويبقى الهدف الإساسي بإصلاح المنظمة، وإنهاء هيمنة الدول الصناعية الكبرى عليها، وإن فشل التوافق، ولكنها بادرة جيدة ستغير الموازين، حين تظهر لنا الهند حليف امريكا الأبرز في الشرق تعنت على قرارات لا تراها تصب في مصلحة اقتصادها في وجه أمريكا، إنه تمرد صحي، كذلك سنجد الممانعة في اجتماع دول العشرين ومجموعة بريكس، لنقدر أن أهم المجموعات الاقتصادية تنتعش صحياَ وتستقوي باقتصاداتها المحلية ومصالحها.
إنها إرهاصات المرحلة الجديدة من الاقتصاد الجديد الذي تحدثت عنه في المقال السابق يمكنك أن ترى بوادره في كل اجتماع دولي، خطوات وإن فشلت نتائجها على مستوى اجتماع المنظمات، ستبقى محاولات لدك الحائط الصلب الذي صنعته حقب السنوات الإقطاعية العالمية، والمبادرة في حد ذاتها نجاح، بالذات لمنظمة بحجم منظمة التجارة العالمية «محرك» الاقتصاد برمته، فتلك المنظمة التي تدير حقائب التجارة العالمية مما يجعل قراراتها تنعكس على الناس مباشرة، فالتجارة تعني السلع واسعارها. فماذا يعني اخفاق منظمة التجارة العالمية في الخروج من قبضة الدول المسيطرة؟ تعني ان تكون الناس تحت رحمتهم.
فقد باتت حكومات الاقتصادات الناشئة أكبر ند لحكومات الاقتصادات الكبيرة، وهذا الأمر يزعجهم بالطبع لذا فلا يكون الأمر سهل حين يتعلق بالقرارات الدولية.
سيكون المستقبل القادم لمنظمة التجارة الدولية إن بقيت، فهي لب معادلة الاقتصادات الكبيرة، وأكبر منظمة اقتصادية دولية، وتمثل ما يزيد عن 98% من التجارة العالمية والناتج المحلي التجاري العالمي. وفي المستقبل دورها وأهميتها سيكون أكبر مما هي عليه اليوم، ولأن مشارف المستقبل تُنبئ بإن التجارة هي مستقبل الاقتصاد الاول، فكل الاكتشافات والابتكارات والداراسات والذكاء الاصطناعي وأدواته والأسواق الدولية والاقتصادات العالمية تحتاج إليها وهي مرتكز ثابت واساسي في كل العمليات، لذا فإن دور المنظمة ينبع من أهمية التجارة وتطور واتساع سلطتها، كما أن المنظمة كان لها يد طولى، ولا يمكن اغفاله في الحلول التي كادت لولاها أن يؤدي بنا الحال الى كساد وركود عالمي، من خلال القرارات التي تتخذها وحل المنازعات بين الأسواق والدول، وفتح الحواجز التجارية، والتأثير على اتفاقيات التجارة الذي يتسم بعضها بوسم استعماري، ولها دور في نشر المساواة ومحاربة الفقر -أهداف التنمية المستدامة للامم المتحدة-، للحفاظ على نسق الأسعار بالممكن.
- هل ستكون منظمة التجارة العالمية قادرة على اصلاح ذاتها؟ وأول من يغير المنهجية الاقطاعية العالمية السائدة، مع السعي لمواكبة التغييرات الجديدة للسياسات ونهج المنافسة والمصالح ؟
@hana_maki00