أروى المزاحم

البعض يظن بأن عملية التعليم هي عملية مُشابهة لعملية التدريب، ولكن على العكس من ذلك فإن كِلا المُصطلحين مُختلفين عن بعضهما البعض، فمن خلال التعليم نكتسب المعرفة ومن خلالِ التدريب نكتسب تطبيق المعرفة والمفاهيم التي تعلمناها، لذا يبدو التدريب أكثر تخصصاً من التعليم، إذ أنهُ أكثر اعتماداً على تطبيقِ المهارات المُكتسبة والأداء، فضلاً عن سعينا من خلالهِ للقدرة لا على التوسع في المعرفة وفهم كافة الحقائق.

في ظل الانفتاح التكنولوجي الذي يشهده عالمنا، وفي ظل التطورات والابتكارات المُستجدة، اشتدَت عملية التنافس في اكتسابِ المهارات والخبرات التي يتطلبها سوق العمل الحالي ظناً من البعض بأن التدريب المهني وحده كفيلاً للالتحاق بالعمل أو الوظيفة، بغضِ النظر عن الشهادة التعليمية، إضافةً إلى إقبال الكثير من الناس على التدريب المهني عوضاً عن التعليم بحجةِ أنهُ كل ما كان الفرد يتمتع بخبرات ومهارات أكثر كُل ما أصبحت لديهِ فرص أفضل للمضي قدماً في مهنته، ولكن يظل التساؤل المطروح دائماً حول أيهما أهم التعليم أم التدريب؟

تبدو الإجابة عن هذا السؤال متشعبة وغير محددة، إذ أنهُ لا يُمكن الاستغناء عن عملية والاكتفاء بأخرى، لأن كِلا العمليتين مُتداخلتين ببعضهما البعض، فيبدو التعليم وكأنهُ المظلة التي يستظل تحتها التدريب، فلا يُمكن الاستفادة من التعلم إلا من خلال اكتساب بعض الخبرة أو التدريب عليها من خلال تطبيقها في مواقف جديدة لها اتصال وثيق بتلك الخبرة، ولا يُمكن التطبيق دون المعرفة المُسبقة التي يكتسبها الفرد من عملية التعليم، ولكن ربما تتشابه العمليتان في أن كلتاهما تُشكلان جزءاً رئيسياً في عملية تعزيز التعلم واكتساب المعرفة.

من وجهة نظري أرى بأن أثر التعليم طويل المدى ، ويبقى مُعززاً لأي تدريب مهني يأتي من بعده وهو الأكثرَ قيمةً للمجتمع، ولكن في نهاية المطاف يعود الأمر في تحديد الأهمية والأولوية لرغبة الفرد نفسه إن كانَ من أولئكَ الذين يحبون الدراسة والتعليم أولاً ومن ثُم التدريب أو العكس.

ومضة:

إن المجد والنجاح والإنتاج تظل أحلاماً لذيذة في نفوس أصحابها وما تتحول حقائق حية إلا إذا نفخ فيها العاملون من روحهم ووصلوها بما في الدنيا من حس وحركة.
@al_muzahem