عبدالله العزمان يكتب:


الاختلاف سنة كونية، وطبيعة بشرية لا يمكن أن نغفلها، فمنذ بدأ الخليقة، إختلف إبني آدم عليه السلام، قال تعالى: «واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين»، ولكن هل لنا أن نسلم بذلك، ونقول أنه لا يمكننا أن نتعامل مع هذه الخلافات أو الاختلافات، وبالتالي فإننا ينبغي أن نهرب منها كلما حدثت لنا.
في الحقيقة، الخلاف والاختلاف وجهان لعملة واحدة، فالخلاف يحدث عندما يخالف شخصاً ما اشخاصاً آخرين، كما قال سبحانه في حال شعيب (وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه أن أريد إلا الإصلاح) بينما الإختلاف يحدث حينما يكون السياق مرتبطا بعدة أطراف، عند ذلك يعبر بكلمة اختلاف كقوله تعالى (فاختلف الأحزاب من بينهم) وكلا الأمرين لا يعتبران مشكلة من أساسهما، فمن الطبيعي أن يختلف البشر مع بعضهم البعض في أذوقهم وآرائهم وإدراكهم وتفكيرهم، وبالتالي فكلنا، شئنا أم أبينا، معرضون لأن نختلف مع القريبين منا كالوالدين، أو الاخوة، أو الزوج أو الزوجة، أو الابناء، أو الأصدقاء أو زملاء العمل، أو البعيدين منا، كمن نقابله في مواقف الحياة المختلفة، كالإسواق او الشوارع أو غير ذلك.
ولكن الخلاف والاختلاف يتطوران بحسب طبيعة العلاقة وحساسيتها، وكذلك الطبيعة الشخصية للمتخالفين، فقد تختلف مع اخواتك في إختيار وجبة عشاء، ويحسم الأمر ولا يكون له أي تأثير يذكر، وقد تختلف مع زوجتك في اختيار وجهة السفر، وتوافق على النزول عند رغبتها، ثم تحدث لكم مشكلة في البلد الذي قمتم بزيارته، فترجع سبب ذلك إلى سوء الإختيار، ويأتي مع ذلك مشاعر سلبية وغضب، وهذا أمر وارد، ولكن ينبغي أن لا يتطور، لأنه قد يتحول إلى عمل إجرائي، كالتلفض والضرب وقد يصل إلى الفراق.
إذن، كيف لنا أن نتعامل مع خلافاتنا الاجتماعية المختلفة؟
هناك مواقف لا تستحق أن نقف معها ونضخمها، لتستمر الحياة، كالخلاف على اختيار مطعم أو مكان نزهة، وهناك أمور مفصلية، تحتاج إلى وقفه ومراجعة، وأن نعالجها بكل شفافية وتجرد، كتربية الأبناء وفق الضوابط الشرعية، وكالعمل على المشاريع المهمة التي ينبغي أن تسير وفق منهجية واضحة وسليمة وبدقة عالية، لذا ينبغي التفريق بين المثالين، لتصفوا حياتنا وتدوم علاقاتنا.
قال الشاعر
مهنا العقول تباينت فيما ترى.. تبقى القول بودها دوما تفي
هب أن رأيك غير رأئي يا أخي.. ما شأن ود بيننا أن يختفي
@azmani21